وقال مكي (١) : «وأجاز الكسائي رفع «الجنّ» على معنى هم الجنّ». فلم يروها عنه قراءة ، وكأنه لم يطّلع على أن غيره قرأها كذلك.
وقرأ شعيب بن أبي حمزة (٢) ، ويزيد بن قطيب ، وأبو حيوة في رواية عنهما أيضا «شركاء الجنّ» بخفض «الجنّ».
قال الزّمخشري (٣) : «وقرىء بالجر على الإضافة التي للتّبيين ، فالمعنى : أشركوهم في عبادتهم ؛ لأنهم أطاعوهم كما أطاعوا الله».
قال أبو حيّان (٤) : ولا يتّضح معنى هذه القراءة ؛ إذ التقدير : وجعلوا شركاء الجن لله.
قال شهاب الدين (٥) : معناها واضح بما فسّره الزمخشري (٦) في قوله ، والمعنى : أشركوهم في عبادتهم إلى آخره ، ولذلك سمّاها إضافة تبيين أي أنه بين الشركاء ، كأنه قيل : الشركاء المطيعين للجن.
قوله : «وخلقهم».
الجمهور (٧) على «خلقهم» بفتح اللام فعلا ماضيا ، وفي هذه الجملة احتمالان :
أحدهما : أنها حالية ف «قد» مضمرة عند قوم ، وغير مضمرة عند آخرين.
والثاني : أنها مستأنفة لا محلّ لها ، والضمير في «خلقهم» فيه وجهان :
أحدهما : أنه يعود على الجاعلين ، أي : جعلوا له شركاء ، مع أنه خلقهم وأوجدهم منفردا بذلك من غير مشاركة له في خلقهم ، فكيف يشركون به غيره ممن لا تأثير له في خلقهم؟
والثاني : أنه يعود على الجنّ ، أي : والحال أنه خلق الشركاء ، فكيف يجعلون مخلوقه شريكا له؟
وقرأ يحيى (٨) بن يعمر : «وخلقهم» بسكون اللام.
قال أبو حيان (٩) ـ رحمهالله ـ : «وكذا في مصحف عبد الله».
قال شهاب الدين (١٠) : قوله : «وكذا في مصحف عبد الله» فيه نظر من حيث إن الشّكل الاصطلاحي أعني ما يدل على الحركات الثلاث ، وما يدلّ على السكون كالجزء منه كانت حيث مصاحف السلف منها مجردة ، والضبط الموجود بين أيدينا اليوم أمر
__________________
(١) ينظر : المشكل ١ / ٢٨٢.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٥ ، البحر المحيط ٤ / ١٩٦.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٢.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٩٦.
(٥) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٥.
(٦) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٢.
(٧) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٥ ، البحر المحيط ٤ / ١٩٦.
(٨) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٦ ، البحر المحيط ٤ / ١٩٦.
(٩) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٩٧.
(١٠) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٦.