ما في الباب أنّها وقعت موقع جواب القسم لا أنّها جواب بنفسها ، وكسرت لمّا حذفت منها نون التّوكيد ، ويدلّ على فساد ذلك ، أنّ النّون قد حذفت ، ولام الجواب باقية على فتحها ، قال القائل في ذلك : [الطويل]
٢٢٩٠ ـ لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم |
|
ليعلم ربّي أنّ بيتي واسع (١) |
فقوله : «ليعلم» جواب القسم الموطّأ له باللّام في «لئن» ومع ذلك فهي مفتوحة مع حذف نون التّوكيد.
والضّمير في قوله : (ما فَعَلُوهُ) وفي : «إليه» يعود : إمّا على الوحي ، وإمّا على الزّخرف ، وإما على القول ، وإمّا على الغرور ، وإمّا على العداوة ؛ لأنّها بمعنى : التّعادي. ولتصغى أي تميل وهذه المادّة تدل على الميل ، ومنه قوله ـ تعالى ـ : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٥] ، وفي الحديث : «فأصغى لها الإناء» (٢) وصاغية الرجل : قرابته الّذين يميلون إليه ، وعين صغوى أي : مائلة ، قال الأعشى : [الطويل]
٢٢٩١ ـ ترى عينها صغواء في جنب مؤقها |
|
تراقب في كفّي القطيع المحرّما (٣) |
والصّغا : ميل في الحنك والعين ، وصغت الشمس والنجوم : أي مالت للغروب.
ويقال : «صغوت ، وصغيت ، وصغيت» فاللّام واو أو ياء ، ومع الياء تكسر عين الماضي وتفتح.
قال أبو حيّان (٤) : «فمصدر الأوّل صغو ، والثّاني صغي والثالث صغا ، ومضارعها يصغى بفتح العين».
قال شهاب الدّين (٥) : قد حكى الأصمعيّ في مصدر صغا يصغو صغا ، فليس «صغا» مختصا بكونه مصدرا ل «صغي» بالكسر.
وزاد الفرّاء : «صغيا» و «صغوا» بالياء والواو مشدّدتين ، وأما قوله : «ومضارعها ، أي مضارع الأفعال الثلاثة : يصغى بفتح الغين» فقد حكى أبو عبيد عن الكسائي : صغوت أصغو ، وكذا ابن السّكّيت حكى : صغوت أصغو ، فقد خالفوا بين مضارعها ، وصغوت أصغو هو القياس الفاشي ، فإن فعل المعتل اللّام بالواو قياس مضارعه : يفعل بضمّ العين.
__________________
(١) تقدم.
(٢) أخرجه أبو داود (١ / ٦٠) كتاب الطهارة : باب سؤر الهرة حديث (٧٥) والترمذي (١ / ١٥٣ ـ ١٥٤) كتاب الطهارة : باب سؤر الهرة ـ حديث (٩٢) والنسائي (١ / ٥٥) كتاب الطهارة : باب سؤر الهرة وابن ماجه (١ / ١٣١) كتاب الطهارة : باب الوضوء بسؤر الهرة حديث (٣٦٧) وأحمد (٥ / ٣٠٣) من حديث أبي قتادة وقال الترمذي : حسن صحيح.
(٣) ينظر : ديوانه ص (٣٤٥) ، التهذيب ٨ / ١٥٩ (صغا) شرح القصائد العشر (٣٤٢) ، اللسان (صغا) ، الدر المصون ٣ / ١٦٢.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢١١.
(٥) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٦٢.