وقال أبو حيّان أيضا : «وهي ـ يعني الأفعال الثلاثة ـ لازمة» أي : لا تتعدّى ، وأصغى مثلها لازم ، ويأتي متعدّيا ، فتكون الهمزة للنّقل ، وأنشد على «أصغى» اللّازم قول الشاعر : [البسيط]
٢٢٩٢ ـ ترى السّفيه به عن كلّ محكمة |
|
زيغ وفيه إلى التّشبيه إصغاء (١) |
قال شهاب الدّين : ومثله قول الآخر : [البسيط]
٢٢٩٣ ـ تصغي إذا شدّها بالرّحل جانحة |
|
حتّى إذا استوى في غرزها تثب (٢) |
وتقول : أصغى فلان بأذنه إلى فلان ، وأنشد على «أصغى» المتعدّي قول الآخر : [البسيط]
٢٢٩٤ ـ أصاخ من نبأة أصغى لها أذنا |
|
صماخها بدخيس الذّوق مستور (٣) |
وفي الحديث : «فأصغى لها الإناء» وهذا الذي زعمه من كون صغى ، أو صغى ، أو صغا يكون لازما غير موافق عليه ، بل قد حكى الرّاغب (٤) أنه يقال : صغيت الإناء وأصغيته [وصغيت بكسر الغين] يحتمل أن يكون من ذوات الياء ، ويحتمل أن يكون من ذوات الواو ، وإنّما قلبت الواو ياء ؛ لانكسار ما قبلها ؛ كقوي ، وهو من القوّة.
وقراءة (٥) النّخعي ، والجرّاح بن عبد الله : «ولتصغى» من أصغى رباعيا وهو هنا لازم.
وقرأ الحسن : «ولتصغى وليرضوه وليقترفوا» بسكون اللّام في الثّلاثة ، وقال أبو عمرو الداني : «قراءة الحسن إنّما هو : «ولتصغي» بكسر الغين».
قال شهاب الدّين (٦) : فتكون كقراءة النّخعيّ.
وقيل : قرأ الحسن : «ولتصغي» بكسر اللّام كالعامّة ، وليرضوه وليقترفوا بسكون اللّام ، وخرّجوا تسكين اللّام على أحد وجهين : إمّا أنها لام كي ، وإنّما سكّنت إجراء لها مع ما بعدها مجرى كبد ، ونمر.
__________________
(١) ينظر البيت في تفسير القرطبي ٧ / ٤٦ ، تفسير الطبري ٥ / ٣١٨ ، اللسان (صغا) ، الدر المصون ٣ / ١٦٣ ورواية اللسان : «عن كل مكرمة» بدل «عن كلّ محكمة».
(٢) البيت لذي الرمة في ديوانه ص (٤٨) ، شرح أبيات سيبويه ٢ / ١١٩ ، شرح المفصل ٤ / ٩٧ ، ٧ / ٤٧ ، الكتاب ٣ / ٦٠ ، لسان العرب (صغا) ، (عجل) ، جمهرة اللغة ص (٧٠٦) ، مجاز القرآن ١ / ٢٠٥ ، التهذيب ٨ / ١٦٠ (صغا) ، الدر المصون ٣ / ١٦٣.
وفي اللسان : «بالكور» بدل «بالرحل».
(٣) البيت للنابغة الذبياني ينظر : ديوانه ٧٢ ، البحر المحيط ٤ / ٢٠٨ ، الدر المصون ٣ / ١٦٣.
(٤) ينظر : المفردات ٢٨٢.
(٥) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٦٣. المحتسب ١ / ٢٢٧ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٢٨.
(٦) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٦٣.