قال ابن جنّي : «وهو قويّ في القياس ، شاذّ في السّماع».
والثاني : أنّها لام الأمر ، وهذا وإن تمشّى في (لِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا) فلا يتمشّى في : (وَلِتَصْغى) إذ حرف العلة يحذف جزما.
قال أبو البقاء (١) : «وليست لام الأمر ؛ لأنه لم يجزم الفعل».
قال شهاب الدّين : قد ثبت حرف العلّة جزما في المتواتر ، فمنها : (أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ) [يوسف : ١٢] (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ) [يوسف : ٩٠] (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) [الأعلى : ٦] (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) [طه : ٧٧] وفي كلّ ذلك تأويلات ستقف عليها ـ إن شاء الله تعالى ـ فلتكن هذه القراءة الشّاذّة مثل هذه المواضع ، والقول بكون لام «لتصغى» لام «كي» سكّنت ؛ لتوالي الحركات واللّامين بعدها لامي أمر بعيد وتشه.
وقال النّحّاس (٢) : ويقرأ : «وليقترفوا» يعني بالسّكون ، قال : «وفيه معنى التّهديد».
يريد : أنّه أمر تهديد ؛ كقوله : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) [فصلت : ٤٠] ، ولم يحك التّسكين في «لتصغى» ، ولا في «ليرضوه».
و «ما» في (ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ) موصولة اسميّة ، أو نكرة موصوفة مصدريّة ، والعائد على كلا القولين الأولين محذوف ، أي : «ما هم مقترفوه».
[و] قال أبو البقاء (٣) : «وأثبت النّون لما حذفت الهاء» يريد : أن الضّمير المتّصل باسم الفاعل المثنّى والمجموع على حدّه ، تحذف له نون التّثنية والجمع ، نحو : «هذان ضارباه» و «هؤلاء ضاربوه» فإذا حذف الضّمير زال الموجب ، فتعود النّون ، وهذا هو الأكثر ، أعني : حذف النّون مع اتّصال الضّمير ، وقد ثبتت ؛ قال القائل : [الطويل]
٢٢٩٥ ـ ولم يرتفق والنّاس محتضرونه |
|
جميعا وأيدي المعتفين رواهقه (٤) |
وقال القائل في ذلك : [الطويل]
٢٢٩٦ ـ هم الفاعلون الخير والآمرونه |
|
.......... (٥) |
والاقتراف : الاكتساب ، واقترف فلان لأهله ، أي : اكتسب ، وأكثر ما يقال في الشّرّ والذّنب ، ويطلق في الخير ، قال ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) [الشورى : ٢٣].
وقال ابن الأنباريّ : «قرف واقترف : اكتسب» وأنشد في ذلك : [الطويل]
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥٨.
(٢) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٥٧٦.
(٣) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥٨.
(٤) تقدم.
(٥) تقدم.