بضمّ الحاء وسكون الجيم : فهو مخفّف من المضمومة ، فيجوز أن يكون مصدرا وأن يكون جمعا لحجر أو حجر.
وقرأ أبي بن كعب (١) ، وعبد الله بن العبّاس ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن الزّبير ، وعكرمة ، وعمرو بن دينار ، والأعمش : حرج بكسر الحاء وراء ساكنة مقدّمة على الجيم ، وفيها تأويلان :
أحدهما : أنّها من مادة الحرج وهو التّضييق.
قال أبو البقاء (٢) : وأصله «حرج» بفتح الحاء وكسر الراء ، ولكنه خفّف ونقل ؛ مثل فخذ في فخذ.
قال شهاب الدّين (٣) : ولا حاجة إلى ادّعاء ذلك ، بل هذا جاء بطريق الأصالة على وزن فعل.
والثاني : أنه مقلوب من حجر ، قدّمت لام الكلمة على عينها ، ووزنه «فلع» ؛ كقولهم : ناء في نأى ، ومعيق في عميق ، والقلب قليل في لسانهم ، وقد قدّمت منه جملة في المائدة عند قوله ـ تبارك وتعالى ـ : (أَشْياءَ) [المائدة : ١٠١].
قوله : (لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ) هذه الجملة في محلّ رفع نعتا ل «أنعام» وصفوه بوصفين :
أحدهما : أنه حجر.
والثاني : أنه لا يأكله إلا من شاءوا ، وهم الرّجال دون النّساء ، أو سدنة الأصنام.
قال مجاهد ـ رضي الله عنه ـ : يعني بالأنعام : البحيرة والسّائبة والوصيلة والحامي ، لا يطعمها ولا يأكلها إلا الرّجال دون النّساء.
وقال غيره : الأنعام ما جعلوها لله ولآلهتهم على ما تقدم [(وَمَنْ نَشاءُ) فاعل ب «يطعمها» وهو استثناء مفرّغ ، و «بزعمهم» : حال كما تقدّم](٤) في نظيره.
قوله : «وأنعام حرّمت ظهورها» وهي البحائر والسّوائب والحوامي ، وهذا هو القسم الثّاني وقد تقدّم في المائدة ، والقسم الثالث : أنعام لا يذكرون اسم الله عليها بالذّبح ، وإنما يذكرون عليها أسماء الأصنام.
وقيل : لا يحجّون عليها ، ولا يلبّون على ظهورها ، ولا يركبونها لفعل الخير ؛ لأنه لما جرت العادة بذكر اسم الله على فعل الخير ، عبر بذكر الله عن فعل الخير.
قوله : «افتراء» فيه أربعة أوجه :
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٩٥.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢٦٢.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٩٦.
(٤) سقط في أ.