إلى لفظ (مِنْ دُونِهِ)](١) ، وأمّا لفظ العبادة فلا يدلّ على تحريم شيء كما يدلّ عليه لفظ «أشرك» ، فقيّد بقوله : (مِنْ دُونِهِ) ولما حذف (مِنْ دُونِهِ) هنا ناسب أن يحذف «نحن» ليطّرد التّركيب في التّخفيف».
قال شهاب الدّين (٢) : «وفي هذا الكلام نظر لا يخفى».
قوله : (مِنْ شَيْءٍ) «من» زائدة في المفعول ، أي : ما حرّمنا شيئا ، و (مِنْ دُونِهِ) متعلّق ب «حرّمنا» أي : ما حرّمنا من غير إذنه لنا في ذلك.
قوله : «و (كَذلِكَ) نعت لمصدر محذوف ، أي : مثل التّكذيب المشار إليه في قوله : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ).
وقرىء (٣) : «كذب» بالتّخفيف.
وقوله : (حَتَّى ذاقُوا) جاء به لامتداد التكذيب ، وقوله : (مِنْ عِلْمٍ) يحتمل أن يكون مبتدأ ، و «عندكم» خبر مقدّم ، وأن يكون فاعلا بالظّرف ؛ لاعتماده على الاستفهام ، و «من» زائدة على كلا التّقديرين.
وقرأ النّخعي (٤) وابن وثاب : «إن يتّبعون» بياء الغيبة.
قال ابن عطيّة (٥) : وهذه قراءة شاذّة يضعّفها قوله : (وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) يعني : أنه أتى بعدها بالخطاب فبعدت الغيبة ، وقد يجاب عنه بأنّ ذلك من باب الالتفات.
قوله : (قُلْ فَلِلَّهِ) بين «قل» وبين «فلله» شيء محذوف ، فقدّره الزمخشري (٦) شرطا ؛ جوابه : فلله ؛ قال : «فإن كان الأمر كما زعمتم من كونكم على مشيئة الله فلله الحجّة».
وقدّره غيره جملة اسميّة ، والتقدير : قل أنتم لا حجّة لكم على ما ادّعيتم فلله الحجّة البالغة عليكم ؛ والحجة البالغة : هي التي تقطع عذر المحجوج ، وتطرد الشّك عمن نظر فيها.
قوله : (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ).
احتج به أهل السّنّة على أن الكلّ بمشيئة الله ـ تعالى ـ ؛ لأنّ كلمة «لو» في اللّغة تفيد انتفاء الشّيء لانتفاء غيره ، فدلّ هنا على أنّه ـ تعالى ـ ما شاء أن يهديهم وما هداهم أيضا ، وتقريره بالدّليل العقلي : أن قدرة الكافر على الكفر إن لم تكن قدرة على الإيمان ، فالله ـ تعالى ـ على هذا التّقدير ما أقدره على الإيمان ، فلو شاء الإيمان منه ، فقد شاء الفعل من غير قدرة على الفعل ، وذلك محال ، ومشيئة المحال محال ، وإن كانت القدرة
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢١١.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢١١.
(٤) ينظر : الدر المصون الموضع السابق ، والمحرر الوجيز ٢ / ٣٦٠ ، البحر المحيط ٤ / ٢٤٨.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٦٠.
(٦) ينظر : الكشاف ٢ / ٧٧.