.................................................................................................
__________________
في ذلك بين كون الجزء المتعذر متعينا ، وبين كونه مرددا بين أمرين أو أمور ، فإذا أكره المكلّف على ترك جزء في الركعة الأولى أو الثانية كان مقتضى القاعدة سقوط وجوب أصل الصلاة ، لعدم القدرة على الإتيان بجميع أجزائها المفروضة ارتباطيتها.
لكن في خصوص الصلاة قام الدليل من الإجماع أو الروايات أو غيرهما على «أن الصلاة لا تسقط بحال» (١) ، وأنّ المقدار الميسور منها لا يسقط بالمعسور ، فحينئذ يدور الأمر بين أن يكون الساقط هو الجزء الأوّل ، وبين أن يكون هو الجزء الثاني كما إذا أكره على ترك التشهد من الركعة الثانية أو الركعة الرابعة.
فإن استفدنا من دليل الجزئية أنّ العبرة في جزئيته للواجب بالقدرة عليه في وعاء اعتباره ، فيتعين حينئذ أن يكون الساقط هو الجزء المتأخر ، إذ المفروض قدرته على الجزء الأوّل في ظرفه ، فيجب صرفها فيه مع الاضطرار إلى ترك الجامع كالقيام ، لما دل عليه صحيح جميل بن دراج ، قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام : ما حدّ المرض الذي يصلي صاحبه قاعدا؟ فقال : إنّ الرجل ليوعك ويحرج ، ولكنه إذا قوي فليقم» (٢) ، ومن المعلوم صدق القدرة على القيام في الركعة الأولى إذا لم يقدر عليه إلّا في إحدى الركعات.
وإن لم نستفد شيئا من الأدلة فينتهي الأمر الى الأصل العملي ، ومقتضاه التخيير ، لأن الشك في اعتبار خصوص الأوّل يدفع بالبراءة ، فمقتضى العلم باعتبار أحدهما هو الإتيان به مخيرا بين السابق واللاحق.
فحاصل الفرق بين الواجبات الاستقلالية والضمنية هو : أنّ الشك هناك في سقوط
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ٢ ، ص ٦٠٥ ، الباب ١ من أبواب الاستحاضة ، الحديث ٥. رواه زرارة في الصحيح عن الصادق عليهالسلام والحديث طويل ، ومنه «فان انقطع عنها الدم ، والّا فهي مستحاضة تصنع مثل النفساء سواء ، ثمّ تصلّي ولا تدع الصلاة على حال ، فإن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : الصلاة عماد دينكم.
(٢) وسائل الشيعة ج ٤ ص ٦٩٩ ، الباب ٦ من أبواب القيام في الصلاة الحديث ٣ ، رواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب وابن أبي عمير عن جميل ، والرواية صحيحة.