قوله (جاؤُ (١) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) هاهنا بباء واحدة ، إلا فى قراءة ابن عامر ، وفى فاطر (بِالْبَيِّناتِ (٢) وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ) بثلاث باءات ؛ لأن ما فى هذه السورة وقع فى كلام مبنى على الاختصار ، وهو إقامة لفظ الماضى فى الشرط مقام لفظ المستقبل ، ولفظ الماضى أخفّ ، وبناء (٣) الفعل بالمجهول ، فلا يحتاج إلى ذكر الفاعل. وهو قوله : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ). [ثم (٤)] حذف الباءات ليوافق الأوّل فى الاختصار بخلاف ما فى فاطر فإنّ الشّرط فيه بلفظ المستقبل والفاعل مذكور مع الفعل وهو قوله : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ثمّ ذكر بعده الباءات ؛ ليكون كله على نسق واحد.
قوله : (ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) (٥) وفى غيره (٦) : (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) لأن ما قبله فى هذه السورة (لا يَغُرَّنَّكَ (٧) تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ) (أى ذلك (٨) متاع فى الدنيا قليل) ، والقليل يدل على تراخ وإن صغر وقل ، و (ثم) للتراخى وكان (٩) موافقا. والله أعلم.
__________________
(١) الآية ١٨٤
(٢) الآية ٢٥
(٣) أى فى جواب الشرط فى قوله : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ)
(٤) زيادة اقتضاها السياق. وقد يكون قوله فيما سبق : «لأن ما فى هذه السورة وقع» أصله : «لأن ما فى هذه السورة لما وقع» فسقط فى النسخ «لما» وعلى هذا يكون «حذف» هنا جواب «لما وقع» والاحتمال الأول وهو وضع «ثم» يقربه صنعه الآتى فى آية فاطر
(٥) الآية ١٩٧.
(٦) كالآية ٧٣ سورة التوبة.
(٧) الآيتان ١٩٦ ، ١٧٩
(٨) سقط ما بين القوسين فى «أ».
(٩) فى الكرمانى «مكان» وهو أسوغ.