السّورة ، اقتصر فى الجواب أيضا على الخطاب ، دون ذكر المنادى. وأمّا زيادة الفاء فى السّورتين دون هذه السّورة فلأنّ داعية الفاء ما تضمّنه النّداء من أدعو أو أنادى ؛ نحو قوله : (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا) أى أدعوك ، وكذلك داعية الواو فى قوله : (رَبَّنا وَآتِنا) فحذف المنادى ، فلمّا حذفه انحذفت الفاء.
قوله : (إِنَّكَ مِنَ (١) الْمُنْظَرِينَ) هنا ، وفى السّورتين (فَإِنَّكَ) ؛ لأنّ الجواب يبنى على السّؤال ، ولمّا خلا السّؤال فى هذه السّورة عن الفاء خلا الجواب عنه ، ولمّا ثبت الفاء فى السّؤال فى السّورتين ثبتت (٢) فى الجواب ، والجواب فى السّور الثلاث إجابة ، وليس باستجابة (٣).
قوله : (فَبِما (٤) أَغْوَيْتَنِي) فى هذه السّورة وفى ص (فَبِعِزَّتِكَ (٥) لَأُغْوِيَنَّهُمْ) ، وفى الحجر : (رَبِّ بِما (٦) أَغْوَيْتَنِي) لأنّ ما فى هذه السّورة موافق لما قبله فى الاقتصار على الخطاب دون النداء ، وما فى الحجر موافق لما قبله من (٧) مطابقة النّداء ، وزاد فى هذه السّورة الفاء التى هى للعطف ليكون الثانى مربوطا بالأوّل ، ولم يدخل (٨) فى الحجر ، فاكتفى بمطابقة النداء (لامتناع (٩) النداء) منه ؛ لأنّه (١٠) ليس بالذى يستدعيه النداء ؛ فإن ذلك يقع مع
__________________
(١) الآية ١٥.
(٢) فى الكرمانى : «ثبت» ويصح التذكير والتأنيث.
(٣) يريد أن هذا أمر قدره الله ، وانما ذكر بعد سؤاله ، وليس باستجابة لدعائه فانه ليس أهلا أن يستجاب له.
(٤) الآية ١٦.
(٥) الآية ٨٢.
(٦) الآية ٣٩.
(٧) فى الكرمانى : «فى» وهو أولى.
(٨) أى الفاء. وفى الكرمانى : «تدخل».
(٩) سقط فى أ.
(١٠) أى قوله : بِما أَغْوَيْتَنِي ، بخلاف نحوه «رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا»