قوله : (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ (١)) ما فى هذه السّورة جاء على القياس ، وتقديره : وهم كافرون بالآخرة ، فقدّم (بِالْآخِرَةِ) تصحيحا لفواصل الآية ، وفى هود لمّا تقدّم (هؤُلاءِ (٢) الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ) ثمّ قال : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) ولم يقل (عليهم) والقياس ذلك التبس أنّهم هم أم (٣) غيرهم ، فكرّر وقال : (وَهُمْ (٤) بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) ليعلم أنّهم هم المذكورون لا غيرهم ، وليس (هُمْ) هنا للتّأكيد كما زعم بعضهم ؛ لأنّ ذلك يزاد (٥) مع الألف واللّام ، ملفوظا أو مقدّرا.
قوله : (وَهُوَ الَّذِي (٦) يُرْسِلُ الرِّياحَ) هنا ، وفى الرّوم (٧) بلفظ المستقبل وفى الفرقان (٨) وفاطر (٩) بلفظ الماضى ، لأنّ ما قبلها فى هذه السّورة ذكر الخوف والطّمع ، وهو قوله : (وَادْعُوهُ (١٠) خَوْفاً وَطَمَعاً) وهما يكونان فى المستقبل لا غير ، فكان (يُرْسِلُ) بلفظ المستقبل أشبه بما قبله ، وفى الرّوم قبله (وَمِنْ (١١) آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) فجاء بلفظ المستقبل ليوافق ما قبله. وأمّا فى الفرقان فإنّ قبله (كَيْفَ (١٢) مَدَّ الظِّلَّ) الآية (وبعد (١٣) الآية) (وَهُوَ
__________________
(١) الآية ٤٥.
(٢) الآية ١٨.
(٣) كذا والأولى : «أو» اذ لا معادل لها.
(٤) الآية ١٩.
(٥) أ ، ب : «زاد» وما أثبت عن الكرمانى. ولا شك أن (هُمْ) فى آية هود تأكيد ولكنه يريد أنها ليست ضمير الفصل ، فان ضمير الفصل يأتى مع ما فيه الألف واللام نحو (الكافرون هم المخلدون فى النار) ، فهو أنما ينفى تأكيد ضمير الفصل.
(٦) الآية ٥٧.
(٧) الآية ٤٨.
(٨) الآية ٤٨.
(٩) الآية ٩.
(١٠) الآية ٥٦.
(١١) الآية ٤٦.
(١٢) الآية ٤٥.
(١٣) سقط فى ب.