من الكفار ، أى (١) ذكّروا فأعرضوا عقيب ما ذكّروا ، ونسوا ذنوبهم ، و [هم] بعد متوقّع منهم أن يؤمنوا. وما فى السّجدة فى الأموات من الكفار ؛ بدليل قوله : (وَلَوْ تَرى (٢) إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أى ذكّروا مرّة بعد أخرى ، وزمانا بعد زمان [بآيات ربّهم] ثم أعرضوا عنها بالموت ، فلم يؤمنوا ، وانقطع رجاء إيمانهم.
قوله : (نَسِيا (٣) حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) والآية الثالثة (٤) (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ(٥))لأنّ الفاء للتعقيب والعطف ، فكان اتخاذ الحوت السّبيل عقيب النّسيان ، فذكر بالفاء [و (٦)] فى الآية الأخرى لمّا حيل بينهما بقوله : (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) زال معنى التعقيب وبقى العطف المجرّد ، وحرفه الواو.
قوله : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) (٧) وبعده (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً)(٨) لأنّ الإمر : العجب ، والعجب يستعمل فى الخير والشرّ ، بخلاف النّكر ؛ لأنّ النّكر ما ينكره العقل ، فهو شرّ ، وخرق السفينة لم يكن معه غرق ، فكان أسهل من قتل الغلام وإهلاكه ، فصار لكلّ واحد معنى يخصّه.
قوله :(أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ) (٩) وبعده (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ) (١٠) لأنّ الإنكار فى الثانية أكثر. وقيل : أكّد التقرير الثّانى بقوله(لَكَ) كما تقول لمن توبّخه :
__________________
(١) أى لأن ذكروا ... وفى الكرمانى «اذ» وهى ظاهرة.
(٢) الآية ١٢.
(٣) الآية ٦١.
(٤) أى التى بعد الآية المذكورة بآية ، وليس معنى هذا أن الثانية فيها (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ).
(٥) الآية ٦٣.
(٦) زيادة من الكرمانى.
(٧) الآية ٧١.
(٨) الآية ٧٤.
(٩) الآية ٧٢.
(١٠) الآية ٧٥.