.................................................................................................
______________________________________________________
ولما مر انهم يقولون باللزوم بعد التلف ، وانه دليل اللزوم قبله ، إذ اللزوم بالتلف بعيد.
ويحتمل عدم اللزوم ، لأن الأصل عدم اللزوم ، والملك أعم ، ولان الملك واللزوم متغايران وما كانا (١) وقد دلت الأدلة على حصول الأول وبقي الثاني على فيه ، إذ لا دليل عليه ، وما لزم من الأدلة المذكورة إلا الأول ، فإن زوال الملك بعد الحصول يحتاج الى الدليل ، ولظاهر بعض ما مر.
إذا عرفت هذا فاعلم ان النزاع بين القائل بأن المعاطاة مفيدة لملك وليس بعقد ، والقائل بأنه عقد يرجع الى اللفظي ، إلّا باعتبار اللزوم وعدمه ، وينبغي ان لا ينازع ، بل يقول عقد غير لازم ، مع ان الظاهر اللزوم بعد تحقق الملك ، فلا ينبغي النزاع.
وان ما ذكرناه جار في سائر العقود وليس بمخصوص بالبيع ، ولعل العلم حاصل بان الهدايا والتحف والهبات ـ التي كانت في زمانه صلّى الله عليه وآله وزمانهم عليهم السلام بالنسبة إليهم والى غيرهم ، وكذا ما كانت في زمان الصحابة والعلماء ـ كانت تقع من غير صيغة ، وكانوا يتصرفون فيها تصرف الملاك مثل البيع والهبة والوطي والعتق في حياة المهدي والواهب وبعد مماتهم أيضا ، والا لنقل ولو نادرا من طريق العامّة والخاصّة ولو بسند ضعيف ، مع ان الظاهر في نقل مثله التواتر ولهذا لا يقبل البعض في مثله الا التواتر ، وهو مؤيد لما قلناه ، هذا.
وقد جعلها بعضهم مثل المعاطاة وقالوا بأنها تفيد الإباحة فقط ، لا الملك.
وبعضهم انها تفيد الملك ، لا اللزوم ويلزم بالتلف ونحوه ، مع انه ليس بعقد.
والبعض جعلها عقدا فاسدا ، ونقل رجوع القائل ، عنه.
__________________
(١) لفظة (ما) نافية ، أي لم يكن الملك واللزوم.