وأمّا شيخنا الاستاذ ، فقد أجاب عن كلا الشقّين ، وأفاد ما حاصله :
أمّا الشق الأوّل ففيه : إنّ من الغرض اللاّزم تحصيله ما لا يحصل إلاّ بالإتيان بالعمل بقصد القربة ، ومنه ما يحصل بدونه ، فمثلاً : ذكر الله تعالى بدون قصد القربة له أثر يترتّب عليه وغرض يحصل منه ، ولذكره تعالى أيضاً مرتبة أخرى لا يحصل الغرض منه إلاّ إذا كان مع قصد القربة ، فالغرض كما يحصل من الأمر الأوّل كذلك يحصل من الأمر الثاني ، فلا لغويّة.
وأمّا الشق الثاني ، فإن كلامه مبني على القول بأصالة الاشتغال فيما نحن فيه ، ولكنْ سيأتي ـ في مبحث مقتضى الأصل العملي ـ أن في المقام قولين : أحدهما : البراءة ، والآخر : هو الاشتغال ، وعلى الأوّل ، لا يكون الأمر الثاني لغواً. هذا أوّلاً.
وثانياً : حكم العقل بالاشتغال إنما هو في فرض الشك في حصول الغرض ، لكنّ الأمر الثاني المفيد للتقييد ـ كما هو المفروض ـ يكون كاشفاً عن الغرض ، فيكون عدمه كاشفاً عن إطلاق الغرض.
وثالثاً : إن وصول النوبة إلى حكم العقل بالاشتغال ، إنما يكون مع عدم جريان الأصل اللّفظي ، فلو جرى لم يبق موضوع لحكم العقل ، لأنه إمّا وارد عليه ـ كما هو الصحيح ـ أو حاكم عليه.
ورابعاً : إنّه قد ثبت في محلّه جريان البراءة الشّرعية مع وجود البراءة العقليّة ، فلا يكون حكم الشرع بالبراءة هناك لغواً ، فكذا هنا لا لغويّة لحكم الشرع بالاشتغال مع وجود حكم العقل به.
وتلخص : أنْ لا محذور عن التقييد بالأمر الثانوي.