دوران الأمر بين التعيين والتخيير ليجري الاشتغال كما عليه العراقي أو البراءة كما عليه في (المحاضرات).
وأمّا ما ذكره المحقق العراقي من إرجاع المقام إلى صورة الشك في القدرة ، وحكم العقل فيها بلزوم الاحتياط ، نظير مسألة دفن الميت والشك في القدرة على حفر الأرض ، ففيه :
إنّ حكم العقل بلزوم الاحتياط تحصيلاً للغرض ، إنما هو حيث يُعلم بالغرض ، بحيث لو فات لكان المكلَّف مقصّراً ، كما في مسألة دفن الميت ، ولكنّ كلّ موردٍ علم فيه بعدم ارتباط فوت الغرض بالعبد ، بل علم باستناد فوته إلى المولى ، فلا حكم للعقل بلزوم الاحتياط فيه ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأنّ المفروض تجويز المولى البدار إلى الصّلاة مع الطهارة الترابيّة ، حتّى مع وجود المصلحة الزائدة في الطهارة المائيّة المحتمل فوتها بالإتيان بالصّلاة مع التيمّم ، ولمّا كان هذا الفوت مستنداً إلى تجويز المولى ، فلا حكم للعقل بلزوم الاحتياط.
وتلخّص : إنه لا مانع من جريان البراءة ، فالمورد ليس من موارد حكم العقل بالاحتياط ، كما ليس من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، بقطع النظر عن المبنى في الكبرى.
وتبقى نظريّة السيد الحكيم ، فإنه قال بجريان الاستصحاب التعليقي في المقام (١) ، وبحكومته على البراءة ، وتقريب ذلك :
إنّ هذا المكلَّف لو لم يأت بالصّلاة مع التيمّم في أوّل الوقت ، لوجب
__________________
(١) حقائق الأصول ١ / ٢٠١.