المهم ، فيكون الكلام : الواقعة ذات الأهمية مهمّة ، وهو كما ترى. كما يستلزم تجريد لفظ «الأمر» من «الأهميّة» في قولنا : أمر غير مهم.
وأمّا الأصفهاني فقال (١) : إن مفهوم «الأمر» عبارة عن الإرادة البالغة حدّ الفعليّة ، سواء كانت تشريعيّة أو تكوينيّة ، فيطلق «الأمر» في جميع الموارد بلحاظ كونها قابلةً لتعلّق الطلب والإرادة ... قال السيد الاستاذ : وما ذكره لا أرى فيه خدشاً فلا ضير في الالتزام به (٢) ، لكن شيخنا الاستاذ أورد عليه :
أوّلاً : أين انسباق الإرادة والطلب من مثل : (ألا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأمُورُ)(٣)؟
وثانياً : إنه في مورد التشريع يصدق الأمر ، ولكنه أعم من الحقيقة ، وأمّا في مورد التكوين فلا صدق أصلاً ، فإن الله تعالى يريد مثلاً خلق فلانٍ ، لا أنه يأمر بخلقه ، فلا يصدق الأمر على الإرادة لا لغةً ولا عرفاً.
وثالثاً : قياس ما نحن فيه على «المقصد» و«المطلب» ـ بأن «الأمر» يطلق على الفعل بلحاظ قابليّته لتعلّق الإرادة تكويناً وتشريعاً ، نظير إطلاق «المقصد» و«المطلب» على بلحاظ تلك القابليّة ـ فيه : إنه قياس مع الفارق ، لأنه متى اطلق «المطلب» على فعلٍ فإنه يتبادر إلى الذهن معنى الطلب من نفس الإطلاق ، أمّا إذا قيل : هل فَعَل فلانٌ الأمر الكذائي؟ فلا ينسبق من لفظ «الأمر» مفهوم «الطّلب».
وبعد التحقيق في الأقوال والنظر في أدلّتها ، فقد اختار شيخنا دام بقاه ،
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٢٥٠.
(٢) منتقى الاصول ١ / ٣٧٣.
(٣) سورة الشورى : ٥٣.