ذهب صاحب (الكفاية) (١) إلى أن الوجوب عبارة عن الطلب بلا تقييد ، وأن الاستحباب عبارة عن الطلب المقيَّد بالترخيص في الترك ، فهو المحتاج إلى البيان ، والوجوب غير محتاج إليه.
وقال المحقق الأصفهاني (٢) : إن الوجوب عبارة عن البعث الأكيد ، والاستحباب عبارة عن البعث غير الأكيد ، ولازم الأوّل عدم الترخيص في الترك ، والثاني لازمه الترخيص فيه ، وحينئذٍ يحتاج إلى البيان ، بخلاف الوجوب ، فإن نفس الصّيغة كافية في إفادته ، لأن الأمر العدمي ـ وهو هنا عدم الترخيص ـ لا يحتاج إلى بيان.
وعليه ، فكلّما جاءت الصيغة مجرّدة عن البيان في الترخيص ، كان مقتضى إطلاقها هو الوجوب.
قال الاستاذ في الدورة السابقة :
وهذا ثبوتاً صحيح ، إلاّ أن الكلام في مقام الإثبات ، إذ العقلاء لا يرون وجود مرتبتين للبعث ، إحداهما أكيدة ، والأخرى غير أكيدة ، فصيغة «اغتسل» سواء في غسل الجنابة والجمعة ، ولا فرق عندهم فيها ... هذا أوّلاً. وثانياً : إنه ليس لهيئة افعل وضعان ، بل الوضع الواحد ، وهي موضوعة للنسبة البعثيّة ، والتأكّد وعدمه أمران زائدان على حقيقة البعث ، وخارجان عن مدلول الهيئة ، فلو كان التأكّد مدلول الهيئة ـ وضعاً أو ظهوراً ـ لزم أن يكون استعمالها في غير الأكيد مجازاً.
وللمحقّق العراقي تقريب آخر (٣). قال :
__________________
(١) كفاية الأصول : ٧٠.
(٢) نهاية الدراية : ١ / ٣١٥.
(٣) نهاية الأفكار ١ / ١٦٢ ـ ١٦٣.