لأنّه لو شك في دلالته على ذلك في حال وقوعه عقيب الحظر فأصالة الحقيقة تقتضي حمل الكلام على معناه الحقيقي ، والمفروض كونه حقيقةً في الوجوب ... اللهم إلاّ أن يقال بأنّ الحمل على ذلك هو مع الشك في وجود القرينة الصّارفة ، أمّا مع الشك في صارفيّة الموجود ـ كما نحن فيه ، حيث وقع الأمر بعد الحظر ـ فلا يحكَّم الأصل المذكور ... فتأمّل.
وأمّا على القول بدلالته على الوجوب من باب الإطلاق ، فقد يُشكل بأنّ وقوع الأمر عقيب الحظر يحتمل الصارفيّة والقرينيّة ، ومع احتمالها فلا ينعقد الإطلاق ، بل يكون مجملاً.
وقد ذكر الاستاذ هذا الإشكال في الدّورة السّابقة واعتمده ... إلاّ أنه عدل عنه في الدّورة اللاّحقة ، وجعل السرّ في عدم انعقاد الإطلاق : إن الأمر لمّا كان دالاًّ على الإرادة ، والوجوب إرادة ، وليس مع الإرادة في الوجوب شيء آخر ـ بخلاف غيره من الأحكام ، حيث يوجد مع الإرادة فيها شيء عدمي ، أي عدم المرتبة العالية من الإرادة ـ والدالّ على أصل الشيء في الأمر التشكيكي يكون عند الإطلاق ظاهراً في المرتبة العالية منه ، فيكون الأمر ظاهراً في الوجوب من باب الإطلاق. لكن مع كونه بعد الحظر ، يُشك في أصل الإرادة ، ويحتمل الإباحة مثلاً ، فلا يمكنُ التمسّك بالإطلاق.
وأمّا على القول بدلالة الأمر على الوجوب ببناء العقلاء ، فإن بناء العقلاء دليل لبّي ، وهل مع وقوعه بعد الحظر واحتمال قرينية الموجود يتحقق الظهور للكلام؟ وهل البناء المذكور موجود في هذه الحالة؟ إنه يؤخذ بالقدر المتيقّن ، وهو المورد الذي ليس واقعاً عقيب الحظر.
وأمّا على القول بالدلالة بحكم العقل ، فالحق في الإشكال هو ما ذكرناه