وبما ذكرنا ظهر أنّ تعبير (الكفاية) أتقن من تعبير صاحب (المفاتيح) حيث قال : «إذا أتى المكلَّف بالمأمور به على الوجه المعتبر شرعاً ...» (١) لأنّ من القيود ما لا يمكن للشارع اعتباره ، بل المعتبر له هو العقل.
فمراد (الكفاية) ـ بعبارةٍ اخرى ـ هو : إتيان المأمور به على النهج الذي لا بدّ من أن يؤتى به ، ليكون أعمّ من التقييد الشرعي والتقييد العقلي.
وأمّا القول بأن المراد هو قصد الوجه من الوجوب والاستحباب ، ففيه :
أوّلاً : إن الأكثر غير قائلين باعتبار قصد الوجه في العبادات. وثانياً : إنّ البحث في الأعم من الواجبات التعبديّة والتوصليّة ، وثالثاً : إن هناك خصوصيّات أخرى معتبرة في العبادات كالبلوغ والعقل وغيرهما ، ولا وجه لاختصاص هذا القيد والخصوصيّة بالذكر في عنوان البحث.
والحاصل : إن ما ذكره المحقق الخراساني هو الصحيح.
ولا يرد عليه ما ذكره السيّد البروجردي (٢) من أنّ عدم إمكان أخذ قصد القربة في المتعلَّق شرعاً ، وأنَّ المعتبر له هو العقل ، هو من الأنظار الحادثة بعد الشّيخ الأعظم ، وعنوان البحث بقيد «على وجهه» مما ذكر في الكتب قبل الشيخ ، فلا يكون الغرض من أخذه إفادة أخذ قصد الأمر بحكم العقل لا الشرع.
وذلك : لأن «قصد الأمر» هو واحد من القيود التي لم يمكن للشارع أخذها ، فكان المعتبر لها هو العقل ، كما أشرنا إلى ذلك ، فالمعتبرات العقليّة متعدّدة ، كعدم ابتلاء متعلَّق الأمر بالمزاحم كما ذكر بعضهم ، وكالفوريّة حيث
__________________
(١) مفاتيح الاصول للسيد المجاهد الطباطبائي : ١٢٥ ط حجري.
(٢) نهاية الأصول : ١١٢.