فما ذهب إليه صاحب (الكفاية) من جعل المسألة عقليّة ، وأن الاقتضاء بمعنى العليّة ، إنما يتم في الكبرى ، لا في الصغرى ، ولا يخفى أن المهمّ في مسألة الإجزاء هو البحث الصغروي في الموردين ، فلا وجه لجعل البحث عنهما تطفليّاً ، ولعلّه قدسسره إلى هذا الإشكال أشار بقوله «فافهم».
إذن ، لا بدّ من التفصيل ، وعليه يكون «الاقتضاء» بمعنى العلّية بالنظر إلى كبرى البحث ، وبمعنى الدلالة بالنظر إلى البحثين الصغرويّين.
هذا ، وقد أشكل المحقق الأصفهاني بأنّ الأمر لا يمكن أن يكون علةً لسقوط الأمر ، لأن المفروض هو أن الأمر علّة للإتيان بالمأمور به ، والإتيان به إن كان علّةً لعدم الأمر يلزم كون الشيء علةً لعدم علّة نفسه ، وهذا محال. وبعبارة اخرى : العلّة منشأ للثبوت فكيف يكون منشأ للسقوط؟
وأجاب المحقق العراقي : بأنّ الذي كان علّةً للثبوت هو الوجود العلمي للأمر ، والذي هو منشأ سقوط الأمر هو الإتيان بالمأمور به بوجوده الخارجي.
وقال شيخنا دام بقاه : بأنّ إشكال المحقق الأصفهاني هذا يناقض مبناه في بحث التعبّدي والتوصّلي ، حيث ذهب هناك إلى أنّ الأمر الخارجي ليس بعلّةٍ للإتيان ، بل العلّة والداعي للامتثال هو الوجود العلمي للأمر ، والوجود العلمي غير متوقّف على الوجود الخارجي ، فمن الممكن أنْ يحصل للإنسان علم من غير أنْ يكون له مطابَق في الخارج.
ثم قال المحقق الأصفهاني :
إن الحق سقوط الأمر لعدم وجود علّته ، لأنّ علّة الأمر هي الغرض ، ومع تحقّقه لا تبقى علّة للأمر ، ومع انتفاء العلّة لا يبقى الأمر ، وإلاّ لزم وجود المعلول بلا علّةٍ.