أمّا على الطريقيّة (١) فقال بعدم الإجزاء. (قال) : فإنّ دليل حجيّته حيث كان بلسان أنه واجد لِما هو شرطه الواقعي ، فبارتفاع الجهل ينكشف أنه لم يكن كذلك ، بل كان لشرطه فاقداً. يعني : إن دليل اعتبار خبر الواحد ـ مثلاً ـ لا يفيد الجعل ، وكذا البيّنة ، فلو قامت البينة ـ مثلاً ـ على طهارة الثوب أو جاء خبر ثقة ، كان مقتضى قوله عليهالسلام «لا عذر لأحدٍ من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا» (٢) أو أدلّة اعتبار البيّنة : أنّ هذا طريق كاشف عن الطهارة ، ولا دلالة فيه على جعلٍ من قبل الشارع للطّهارة ـ بخلاف قاعدة الطهارة مثلاً ، فهناك جعل شرعي للطّهارة ـ فبارتفاع الجهل وانكشاف الواقع يظهر أنه لم يكن الثوب طاهراً بل كان فاقداً للطهارة ، فلا إجزاء (٣).
وأمّا على السببيّة ، فقد ذكر أربع صور ـ كصور الأمر الاضطراري ـ لأنه بناءً على هذا القول تحصل المصلحة في المتعلَّق ـ بخلاف الطريقية حيث لا مصلحة فيه ـ وحينئذٍ فتارةً : تكون المصلحة المتحقّقة بقيام الأمارة وافيةً بتمام مصلحة الواقع ، واخرى : لا تكون وافية. وعلى الثاني : تارة يكون المقدار الباقي من المصلحة ممكن الاستيفاء ، واخرى : لا يمكن استيفاؤه ، وعلى الأوّل : تارةً المصلحة لزوميّة ، واخرى ندبيّة. (فقال) رحمهالله : فيجزي لو كان الفاقد معه في هذا الحال كالواجد في كونه وافياً بتمام الغرض ، ولا يجزي لو لم يكن كذلك ، ويجب الإتيان بالواجد لاستيفاء الباقي إن وجب وإلاّ لاستحبّ ، هذا مع امكان استيفائه وإلاّ فلا مجال لإتيانه.
وأمّا لو شك ـ ولم يحرز أنّ حجية الأمارة على وجه الطريقيّة أو
__________________
(١) وهذا هو مختاره هنا وفي مواضع أُخر ، وإنْ اشتهر عنه القول بالمنجّزية والمعذّرية.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ / ١٥٠ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، رقم ٤٠.
(٣) قال الاستاذ : وبناءً على المنجزية أيضاً لا إجزاء ، لأنّ المجعول هو المنجزية والمعذرية فقط.