ينكشف الخلاف بتاتاً ، وكان عمله وافياً بتمام مصلحة الواقع ، كان اللاّزم أنْ يكون الواجب ظهر يوم الجمعة واجباً تخييريّاً بين صلاة الظهر وصلاة الجمعة ، وهذا يعني انقلاب الواقع وتبدّله ، وهو باطل.
وقد دفع المحقق الأصفهاني (١) هذا الإشكال : بأنّه يعتبر في الوجوب التخييري كون العدلين ـ مثلاً ـ فعليّين ، وإلاّ فهو ليس بوجوب تخييري ، وفيما نحن فيه لا تتحقّق الفعليّة للظهر والجمعة في وقتٍ واحد ، لأنه ما لم تقم الأمارة على وجوب الجمعة لم يتحقّق الموضوع ولا فعليّة للوجوب ، وحينما تقوم الأمارة عليه فالتكليف غير فعلي بالنسبة إلى وجوب الظهر ، فلا فعليّة للوجوب فيهما ، فلا يكون الوجوب تخييريّاً.
قال الاستاذ : لكنّ الوجوب التعييني أيضاً غير ممكنٍ هنا على مسلك المصلحة السلوكيّة ، لأنه كما أنّ أصل الحكم تابع للملاك ، كذلك الخصوصيّة فيه تابعة للملاك ، إذن ، خصوصية الوجوب التعييني لا بدّ لها من الملاك كأصل الوجوب ، أمّا في مقام الثبوت ، فبأنْ يكون الشيء ذا ملاكٍ مع خصوصيّة أن شيئاً آخر لا يقوم مقامه ، وأمّا في مقام الإثبات ، فيحتاج إلى دليلٍ مطلق فيدلّ على وجوبه بنحو الإطلاق ... وعلى هذا : إن كانت المصلحة السّلوكية القائمة بصلاة الجمعة وافيةً بمصلحة الواقع ـ صلاة الظهر ـ تماماً ، فجعل الوجوب لصلاة الظهر بنحو الإطلاق محال ، لما تقدَّم من أن معنى الوجوب التعييني لشيء أنْ لا يقوم شيء آخر مقامه ولا يسدّ مسدّه ، والمفروض أنّ صلاة الجمعة يترتّب عليها ما كان مترتّباً على صلاة الظهر من المصلحة.
فإذا كان من المحال جعل الوجوب التخييري هنا ، بالبيان الذي ذكره
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٤٠٥.