وأمّا القول بالإجزاء ـ عملاً بالبراءة ـ كما عليه في (المحاضرات) فلا بدّ من النّظر في كلام (الكفاية) وأنه على أي مسلكٍ في السببيّة؟
أمّا على مسلك الأشاعرة والمعتزلة ، فإنّه ليس الحكم إلاّ مفاد الأمارة ، ومع الشكّ في أنّ مفاد أدلّة حجيّتها هو جعل الطّريقية لها أو الموضوعيّة ، يكون أصالة عدم جعل الطريقية معارضاً لأصالة عدم جعل الموضوعيّة ، وإذا تعارضا تساقطا ، هذا بالنسبة إلى الأصل في المسألة الاصوليّة ، وتصل النوبة إلى الأصل في المسألة الفقهيّة ، فإنّه ـ بعد أن أتى بالعمل ثمّ ظهر الخلاف ـ يشك في حدوث تكليف بالإعادة ، وحينئذٍ تجري البراءة.
لكنّ كلام (الكفاية) مبني على مسلك الشيخ ـ وهو المستفاد ممّا تقدّم عن (الاصول على النهج الحديث) ـ من أنّ العمل على طبق الأمارة فيه مصلحة الواقع ، وأن هذه المصلحة بدل عن تلك المصلحة ، فإذا انكشف الخلاف يشك في تحقّق البدليّة والوفاء بالمصلحة وعدمها ، فالشكّ حينئذٍ يرجع إلى الفراغ ، ومقتضى القاعدة هو الاشتغال لا البراءة ، وما ذكره في (المحاضرات) ناشئ من عدم الدقّة في كلام (الكفاية) أو أنه اجتهاد في مقابل النص.
هذا كلامه دام بقاه في الدورة اللاّحقة.
وأمّا في الدورة السابقة ، فقد وافق (الكفاية) في القول بعدم الإجزاء من باب الاستصحاب ، ببيان : أنه بعد انكشاف الخلاف في الوقت ، يعلم إجمالاً بأنّ الواجب عليه من أوّل الوقت كان العمل الذي أتى به ، أو الحكم الذي قامت عليه الأمارة ، فيدور الأمر بين الزائل والباقي ، فإن كان الواقع ـ مثلاً ـ مؤدى قول زرارة عن الصّادق عليهالسلام بوجوب الجمعة ، فقد تحقق ، وإنْ