وقد استدلّ للقول بعدم المقدّمية ، بأن الأجزاء عين الكلّ ، فلا احتياج ، فلا مقدّمية ..
وأجاب عنه المحقق الخراساني (١) : بأنّ الجزء عبارة عمّا يلحظ لا بشرط من الانضمام إلى سائر الأجزاء ، والكلّ يلحظ بشرط الانضمام ، فبينهما فرق من هذه الجهة ، وهو يكفي للتغاير بين «الكلّ» و«الجزء» وعدم العينيّة ، فيكون الجزء مقدمةً والكلّ ذو المقدمة ، واللابشرط موقوفاً عليه والبشرط موقوف عليه ، فلا عينيّة من جميع الجهات حتى يقال بأن الشيء لا يحتاج إلى نفسه.
وقد أوضح الاستاذ ذلك : بأنّ الجزء إنْ لوحظ بشرط لا عن الانضمام إلى سائر الأجزاء ، أصبح مبايناً للكلّ ، كأنْ يلحظ الركوع «بشرط» لا عن بقية أجزاء الصّلاة ، فإنه حينئذٍ مباين للصّلاة وليس بجزءٍ لها ، وإنْ لوحظ «لا بشرط» صار جزءاً ، وإنْ لوحظ «بشرط» الانضمام فهو «الكلّ».
والحاصل : إن الأجزاء مقدّمة للكلّ ، إذ هو محتاج إليها في ذاته وهي مستغنية عنه ذاتاً ، سواء في الاعتباريات كما تقدم أو التكوينيّات ، ولذا ترى أنّ ذات «الحيوان» وهو جزء «الإنسان» ـ مع قطع النظر عن الوجود ـ مستغنية عن الإنسان ، لكن «الإنسان» في مرحلة الذات متقوّم ب «الحيوان» ، فإنّه لو لا الحيوان لا يوجد الإنسان.
فالحال في الاعتباريات ، كالرّكوع بالنسبة إلى الصّلاة ، والتكوينيّات ـ كالمثال المذكور ـ واحد ، فلا فرق بين المركّبات التكوينيّة والمركّبات الاعتبارية في ذلك.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٩٠.