وأوضح ـ في (حاشية الكفاية) ـ وجه التأمّل ، بالإشكال فيما ذكره في المتن من تعدّد الملاك ، بأنه لمّا كانت الأجزاء الداخليّة وجودها بعين وجود الكلّ ، فليس لها وجود منحاز عن الكلّ ، حتى يكون لها ملاك يقتضي المطلوبيّة الغيريّة لها ، وإنّما التعدّد بين الأجزاء والكلّ اعتباري فقط ، وإذ ليس في المقام ملاك للوجوب الغيري ، فلا وجه للقول بأنّ الوجوب النفسي هو الواقع ، لسبقه ، بل هو موجود لوجود الملاك له ، والغيري غير موجود لعدم وجود الملاك له.
هذا ، وفي قوله «لسبقه» أيضاً إشكال ، لأنه على فرض وجود الملاك للوجوب الغيري ، فالتعليل المذكور غير صحيح ، لعدم تعقّل السبق بلا لحوق ، لكونهما متضايفين ، فسبق الوجوب النفسي مستلزم للحوق الوجوب الغيري ، والحال أنّ الوجوب الغيري محال ، للزوم اجتماع المثلين ... وهذا الإشكال وارد عليه ولا جواب عنه.
بل الصحيح أنْ يقال بوجود وجوبٍ واحدٍ وهو النفسي ، لوجود المقتضي له وعدم المانع عنه ، أمّا المقتضي فالملاك ، وأمّا عدم المانع ، فلأنّه لا يوجد ما يصح لأنْ يكون مانعاً عن تأثير الملاك النفسي في الوجوب ، وأمّا الوجوب الغيري فإنّ لزوم اجتماع المثلين يمنع عن تحقّقه.
لا يقال : لا محذور في اجتماع المثلين في الامور الاعتباريّة.
لأنّا نقول : بأنّ لزوم المحال في المنتهى واضح جدّاً ، لأن البعث يقتضي الانبعاث ، وتحقّق الانبعاثين نحو الشيء الواحد غير معقول ، فوجود الوجوبين محال ، وحصول الوجوب الواحد المؤكّد محال.
هذا تمام الكلام في هذا المقام ... ويبقى الكلام في ثمرة هذا البحث :