المقدّمة السابقة مُعدّة وليست بعلّة ولا جزءاً للعلّة ، حتى تكون مؤثّرة ، وتقدّم المُعدّ لا محذور فيه ، فالإشكال يختصّ بالشرط المتأخّر ـ ولرأيه تقريبات :
التقريب الأوّل : إن الحكم أمر نفساني ، وليس بخارج عن افق النفس ، ـ سواء كان الإرادة المبرزة كما عليه المحقق العراقي ، أو الاعتبار الناشئ من الإرادة كما هو مسلك المحقق الخراساني ـ ومقتضى البرهان العقلي القائم على ضرورة السنخيّة بين العلّة والمعلول والمقتضي والمقتضى ، هو أن تكون مبادئ الحكم نفسانيّة أيضاً ، وإذا كانت كذلك ، فليس مقدّماته ومبادؤه إلاّ لحاظ الموضوع والمحمول وقيود الموضوع ، والتصديق بالغاية ، ولا ريب في أنّ هذه كلّها مقترنة بالحكم ومتحققة في ظرفه ، وليست بمقدّمة عليه ولا متأخرة عنه.
إذن ، رجع الشرط المتأخّر إلى المقارن ، وارتفع الإشكال في مثل الإجازة ونحوها.
التقريب الثاني : إنه لا شكّ في أن الباعث والمحرّك في الإرادة هو العلم والإدراك ، وأمّا الخارج فليس بمؤثّر يقيناً ، ولذا لو كان الماء موجوداً في الخارج ولا يعلم به الإنسان ـ وهو عطشان ـ لم يتحرّك نحوه ومات عطشاً ، فالمؤثّر بالوجدان للتحرّك هو الصّورة العلميّة والوجود اللّحاظي ، وعليه ، فالمؤثّر في الملكيّة هو الوجود العلمي للإجازة وليس الوجود الخارجي ، والمفروض تحقّق الوجود العلمي في ظرف المعاملة.
التقريب الثالث : إن الحكم ليس له مادّة وصورة ، فهو يتحقّق بمجرّد تحقق العلّة له ، وهو الفاعل والغاية ـ بخلاف الموجودات الخارجيّة المادّية ، فإنّ تحقّقها يكون بالمادّة والصّورة والفاعل والغاية ـ وإذا كان المحقّق للحكم