والمبرز والبروز فعلي ، فليس شيء منها معلَّقاً على أمر متأخّر ، وهذا ظاهر. وأمّا على الثاني ، فلأنّ الاعتبار من الامور النفسانيّة ذات التعلّق كالعلم والشّوق ، وكما يتعلق بأمرٍ حالي كذلك يتعلّق بأمر متأخّر ، فلا محذور من أنْ يكون الاعتبار فعليّاً والمعتبر متأخّراً ، والتفكيك بينهما جائز.
والحاصل : إنه بناءً على مسلك المشهور لا يجوز التفكيك ، لأنه من الإيجاد والوجود ، وأمّا على مسلكه ، فإنه لا يقاس بالتفكيك بين الإيجاد والوجود أصلاً.
وقال في (حاشية أجود التقريرات) : «ويردّه : أن الإيجاب ، إنْ اريد به إبراز المولى لاعتباره النفساني ، فالإبراز والبروز والمبرَز كلّها فعليّة ، من دون أنْ يكون شيء منها متوقّفاً على حصول أمرٍ في الخارج ، وإنْ اريد به الاعتبار النفساني ، فيما أنه من الصفات ذات الإضافة ـ كالعلم والشوق ونحوهما ـ فلا مانع من تعلّقه بأمرٍ متأخّر ، فكما أنه يمكن اعتبار الملكيّة أو الوجوب الفعليين ، يمكن اعتبار الملكيّة أو الوجوب على تقدير ، وأين هذا من تخلّف الإيجاد عن الوجود؟
وغير خفي أنّ أساس هذا الإشكال يبتني على تخيّل أن الجمل الإنسانيّة موجدة لمعانيها في نفس الأمر ، مع الغفلة عمّا حقَّقناه من أنه لا يوجد بها شيء أصلاً ، وإنما هي مبرزات للأمور القائمة بالنفس الممكن تعلّقها بأمر متأخر ، ولأجله ذكرنا في محلّه أنّ امتناع التعليق في العقود والإيقاعات إنما هو من جهة الإجماع ، ولو قطع النظر عنه لما كان مانع عن التعليق أصلاً» (١).
__________________
(١) أجود التقريرات ـ الهامش ـ ١ / ١٩٣.