وقد ظهر أيضاً الفرق عنده قدسسره بين الإنشاء والإخبار. وظهر أن مراده من «نفس الأمر» هو ما يقابل فرض الفارض.
وهذا غير ما هو المصطلح عند الفلاسفة ، حيث يجعلون وعاء «نفس الأمر» وعاءً في قبال وعاء الذهن ، ووعاء الخارج ، فوعاء الخارج ووعاء الذهن ظرفان لوجود الماهيّة ، وللماهية ظرف في عالم التصوّر هو نفس الأمر.
كما أنّه غير مصطلح الاصوليين ، فهم يريدون من «وعاء الأمر» ثبوت الشيء ثبوتاً غير قائم بالاعتبار ، كالملازمة بين «تعدّد الآلهة» وبين «الفساد» المستفادة من الآية المباركة ، فإنها موجودة في وعاء نفس الأمر ، ولا تدور مدار الاعتبار ، بخلاف ملكيّة زيد للدار ، فإنَّ قوامها الاعتبار ، وليس لها واقعيّة كواقعية الملازمة المذكورة.
وأمّا الشهيد الأوّل ، فقد ذكرنا أنه قد استعمل هذا المصطلح ، ولكنّه أراد من قوله «نفس الأمر» ـ في العبارة المذكورة ـ الاحتراز عن الإنشاء المكرَّر ، فقول المنشئ : ملّكتك الدار قول قصد به ثبوت الملكيّة للمشتري ، فإذا قاله ثبت ذلك ، فلو قاله مرةً اخرى فلا يحصل به المعنى ، لأنه لو حصل لكان من تحصيل الحاصل.
ويقول المحقق الخراساني : كلّما تكرّر القول حصل فرد من ذلك المعنى الإنشائي ، إلاّ أنه يكون تأكيداً ، لا أنّ الصيغة ـ في المرّة الثانية ـ خارجة عن الإنشائيّة.
والحاصل :
إنه في الصيغة الإنشائيّة يُقصد ثبوت ووجود المعنى بنفس الصّيغة ،