الْبَيَانَ) (١) ، فمن تمكّن من اللّفظ وأمكنه إفهام مقصوده به ، لا يحتاج إلى الإشارة ، ولا إلى البعث والتحريك التكويني الخارجي ، ولذا تكون الإشارة أو التحريك الخارجي هي الدالّة على المقصود حيث لا يمكن اللّفظ.
وسواء كان الدالّ على المقصود هو اللّفظ أو التحريك الخارجي ، فإنّه لا ينظر إليه إلاّ بالنظر غير الاستقلالي ، بل إنّه ـ في هذه الحالة ـ يكون النظر الاستقلالي نحو المبعوث والمبعوث إليه ، أمّا اللّفظ أو التحريك الخارجي الذي تحقق به البعث ، فإنّه مغفول عنه ، ووجوده وجود حرفي لا استقلالي ... وهذا البعث هو «البعث النسبي» في اصطلاح المحقّق الأصفهاني ، إنه يقول بأنّ نفس هذا البعث الخارجي التكويني يوجد ويتحقّق بكلمة «افعل». والمحقق العراقي يشبّه الطلب بالصيغة بإرسال الطيور الجارحة نحو الصيد ، فكأنّ الآمر يرسل المأمور بأمره «افعل» نحو تحصيل الشيء الذي يريده منه ، فالمدلول عنده رحمهالله ـ هو الإرسال ولازم ذلك هو الطلب.
والحاصل : إن هذا أمر ارتكازي لا يمكن إنكاره ، وعباراتهم ـ وإنْ اختلفت في بيانه ـ مشيرة إلى هذا الأمر.
لكنّ التحقيق : أن هذه النسبة البعثيّة التكوينيّة التي تقوم الصيغة مقامها لا توجد بالصيغة ، بل إنها تكون مبرزة لها ، فالباعث يظهر ويبرز مقصوده باللّفظ بدلاً عن التحريك الفعلي نحوه ... فليس «افعل» هو «البعث» كما قال المحقق الأصفهاني ، بل إنه دالٌّ على البعث ومبرز له ، لكنّه مبرز للبعث ـ كما قلنا ـ لا لثبوت الشيء في ذمّة الطرف المقابل كما قال المحقق الخوئي ... فإنْ لوحظ هذا البعث النسبي باللّحاظ الاستقلالي أصبح مدلول لفظ «أبعثك» ،
__________________
(١) سورة الرحمن : ٣.