وهذا هو الإشكال الأوّل.
ثم إنّ المحقّق العراقي ـ وكذا في (المحاضرات) ـ قد التفت إلى أن بعض هذه الأوامر الضمنيّة التي ذكرها متقدّم على البعض الآخر رتبةً ، فلمّا يقول : كبّر بقصد الامتثال ، الامتثال لأيّ شيء؟ وهكذا غيره ، وجميع هذه الأوامر الضمنيّة هي بحكم الموضوع بالنسبة إلى الأمر الضّمني بالإتيان بالصّلاة بقصد الأمر ، فهي متقدّمة عليه في الرتبة ، لكنّ تلك الأوامر الضّمنيّة المختلفة رتبةً موجودة بوجودٍ واحدٍ ، وكيف يعقل ذلك؟
لقد اكتفى في (المحاضرات) بالقول بتقدّم هذه الدعوى في مبحث الصحيح والأعم ، لكنّ الذي ذكره هناك هو معقوليّة الوضع لأمرين مختلفين في المرتبة ، وهو غير ما نحن فيه ، لأن الوضع يصح حتى للمتناقضين ، أمّا كيف يوجد الموجودان المختلفان في الرتبة بوجود واحدٍ؟
ولذا وقع الإشكال في شمول دليل الاستصحاب لقاعدة اليقين ، من جهة أنَّ القاعدة متأخّرة رتبةً عن الاستصحاب ، فكيف يجعلان بجعلٍ واحدٍ وهما طوليّان؟
إنه لا مورد لذلك إلاّ الاختلاف بالطبع ، فلو تقدّم وجود على وجودٍ تقدّماً طبعيّاً أمكن وجودهما بالوجود الواحد ، إلاّ أنّ الوجود بالذات هو للمتأخر منهما ، والمتقدّم يكون وجوده بالعرض ، ولا يعقل غير هذا ، مثلاً : المراد بالذات ، أي الشيء المقوّم للإرادة القائم بالنفس ، متقدّم تقدّماً طبعيّاً على الإرادة ، وهي متأخرة بالطبع عن المراد ، لكنّ وجود المراد بالذات بوجود الإرادة وجود بالعرض ، والوجود بالذّات هو للإرادة ، وكذا المعلوم بالذات ـ وهو الصّورة الذهنيّة ـ فإنه متقدّم بالطبع على العلم ، إذ قد يكون ولا