من جهة المورد (١) ، كما لا يخفى على من راجعها.
مع أنّ القدرة على التورية لا يخرج الكلام عن حيّز الإكراه عرفا (٢) ، هذا.
______________________________________________________
ففي هذين المثالين حكموا ببطلان الطلاق ، للعجز عن التورية ، فهما المتيقن من رفع الإكراه شرعا.
(١) لعل مقصوده ما ورد في قصة عمار على ما رواها المفسرون في شأن نزول قوله تعالى (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ ، إِلّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (١) إنّ قريشا أكرهوه وأبويه ياسرا وسميّة على الارتداد ، فأبى أبواه فقتلوهما ، وهما أوّل شهيدين في الإسلام ، وأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها. فقيل يا رسول الله : إنّ عمارا كفر ، فقال : كلّا إنّ عمارا مليء إيمانا من قرنه إلى قدمه ، واختلط الايمان بلحمه ودمه ، فأتى عمار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يبكي ، فجعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يمسح عينيه ، وقال : ما لك إن عادوا لك فعدهم بما قلت» (٢).
تقريب عدم إمكان حمل قصة عمار على صورة العجز عن التورية هو : أنه مع العجز عن التورية لم يكن وجه لاضطراب عمار وبكائه ، لأنّه بعد فرض عجزه عن التورية يكون مضطرّا إلى التكلم بكلمة الكفر ، والاضطرار رافع للحرمة. فاضطرابه كان لأجل التمكن من التورية ولم يورّ ، وقرّره النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على ذلك ، ونفى البأس عمّا قاله من كلمة الكفر ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ان عادوا فعد» ولم يأمره بالتورية بإرادة معنى آخر من كلمة الكفر غير ما هو ظاهره.
(٢) هذا راجع إلى صدق الإكراه موضوعا مع القدرة على التورية ، وحاصله : أنّ
__________________
(١) سورة النحل ، الآية : ١٠٩.
(٢) راجع مجمع البيان ، ج ٣ ص ٣٨٨ ، وروي كلام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمّار في عدة نصوص ، مثل ما رواه صاحب الوسائل عن أصول الكافي بسند معتبر وكذا في تفسير البرهان ، ولكن لم تتعرّض لقصة ياسر وزوجته ، فراجع وسائل الشيعة ج ١١ ، ص ٤٧٦ الباب ٢٩ من أبواب الأمر والنهي ، الحديث ٢ ، وتفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٣٨٥ و ٣٨٦ ، الحديث : ٢ و ٣ و ٤ و ٩.