وربما يستظهر (١) من بعض الأخبار عدم اعتبار العجز عن التفصي بوجه
______________________________________________________
مفهوم «الإكراه» عرفا يعمّ كلتا صورتي القدرة على التورية والعجز عنها ، لما عرفت من أنّه «التحميل المقترن بإيعاد ضرر على المكره ، لا يتحمّل عادة». ومن المعلوم عدم الفرق في هذا المفهوم العرفي بين التمكن من التورية وعدمه.
نعم قد يفرّق بينهما بالنظر الدقيق العقلي ، بدعوى : أنّ الخوف من الضرر ـ الذي هو مناط الإكراه ـ غير متحقق عند القدرة على التورية ، بأن يقصد من قوله : «زوجتي طالق» خلاصها من شؤون البيت ، إذ به يتخلّص من وعيد المكره ، ولا يتضرر بشيء ، كما أنّه لم يقع الطلاق الشرعي.
وهذا بخلاف العاجز عن التورية ، لجهله بها أو لصيرورته مدهوشا مرعوبا بالإكراه بحيث لا تتمشى منه التورية ، فيكون الداعي على قصد الطلاق هو تحميل الغير لا طيب نفسه به.
ولكن هذا الفرق مردود بما في المتن من قوله : «عرفا» يعني : أنّ لفظ «الإكراه» كسائر الألفاظ الموضوعة للأحكام الشرعية خوطب به العرف ، فهو المتّبع في سعة دائرة المفهوم وضيقها ، ولا ريب في صدقه على مطلق التحميل سواء تمكّن المكره من التورية أم لا ، هذا.
ولا يخفى أن المناسب تقديم هذا الكلام على قوله «الذي يظهر من النصوص» لأن الموضوع مقدّم طبعا على الحكم ، فلا بد أوّلا من التعرض لعدم دخل العجز عن التورية في موضوع الإكراه ، ثم في حكمه ، ضرورة أنّ دعوى كون حمل إطلاق النصوص والفتاوى على صورة العجز عن التورية حملا للإطلاق على الفرد النادر مبنيّة على عموم معنى الإكراه لكلتا صورتي القدرة على التورية والعجز عنها حتى تصح دعوى ندرة العجز عن التورية.
(١) يعني : أنّ الكلام كان في إثبات عدم دخل القدرة على التخلص ـ بالتورية ـ من المكره في موضوع الإكراه وحكمه ، وغرضه تعميم مفهوم الإكراه لما إذا أمكن