آخر (١) غير التورية أيضا في صدق الإكراه ، مثل رواية ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «لا يمين في قطيعة رحم ، ولا في جبر ، ولا في إكراه. قلت : أصلحك الله ، وما الفرق بين الجبر والإكراه؟ قال : الجبر من السلطان ويكون الإكراه من الزوجة والأم والأب ، وليس ذلك بشيء» الخبر (١).
ويؤيده (٢) أنّه لو خرج عن الإكراه عرفا بالقدرة على التفصي بغير التورية
______________________________________________________
التفصي من الضرر بغير التورية ، كالفرار أو تحمل سوء خلق الزوجة ونحوهما ، على ما يستفاد من رواية ابن سنان ، المفصّلة بين جبر السلطان وإكراه الوالدين والزوجة.
تقريب الاستظهار : أنّ السلطان مثال لمن لا يمكن التفصي من مخالفته ، والزوجة والأب والأمّ أمثلة لمن يمكن التفصي من حمله على الفعل ، لغلبة الإمكان في الثاني دون الأوّل ، فكأنّه عليهالسلام قال : «الجبر يكون من حامل لا يمكن التفصي منه نوعا مثل السلطان. والإكراه يكون من حامل يمكن التفصي منه نوعا كالزوجة والأب والأم» فأطلق الإكراه على التوعيد الذي يمكن التفصي فيه ، لانتفاء كمال السلطنة مثلا أو غيره ، إذ غاية ما يترتب على مخالفة الزوج لما تطلبه منه زوجته هو سوء خلقها وتهاونها في إدارة شؤون المنزل ، وهذا ممّا يتحمل عادة ، ويستبعد جدّا أن تورد ضررا على زوجها في نفسه أو ماله.
(١) كالفرار والاستمداد من أصدقائه ليخلّصونه من شرّ المكره ، فكما يصدق الإكراه بالقدرة عليه ، كذلك مع القدرة على التورية. وعليه فلا فرق في تحقق الإكراه بتحميل الغير ، سواء تمكّن من التخلص عنه بالتورية أو بغيرها ، أم لم يتمكن من شيء منهما.
(٢) يعني : ويؤيّد الاستظهار المزبور ، وحاصل التأييد : أنّه لو كانت القدرة على التفصي بغير التورية قادحة في صدق الإكراه لكانت القدرة على التفصي بالتورية قادحة أيضا في صدقه ، إذ المناط في صدق الإكراه هو عدم إمكان التخلص عن الضرر ـ المتوعد به على ترك الفعل المكره عليه ـ إلّا بفعل المكره عليه. فمع إمكان
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٦ ، ص ١٤٣ ، الباب ١٦ من أبواب اليمين ، ح ١.