التفصي بغير التورية ، لأنّه (١) يعتبر فيه أن يكون الداعي عليه هو خوف ترتب الضرر المتوعد به على الترك (٢). ومع القدرة على التفصي لا يكون الضرر مترتبا على ترك المكره عليه ، بل (٣) على تركه وترك التفصي معا. فدفع الضرر يحصل بأحد الأمرين من فعل المكره عليه والتفصي ، فهو مختار في كل منهما ، ولا يصدر كل منهما إلّا باختياره ، فلا إكراه.
وليس (٤) التفصي من الضرر أحد فردي المكره عليه حتى لا يوجب تخيير الفاعل فيهما سلب الإكراه عنهما ، كما لو أكرهه على أحد الأمرين ، حيث يقع كل منهما حينئذ مكرها ، لأنّ (٥) الفعل المتفصى به مسقط عن المكره عليه لا بدل له.
______________________________________________________
لا تعيينا ولا تخييرا.
هذا في عدم دخل العجز عن التفصي بغير التورية ، وهو وإن كان جاريا في القدرة على التفصي بالتورية أيضا ، إلّا أنّه سيأتي عدم اعتبار التمكن منها.
(١) تعليل لعدم تحقق الفعل الإكراهي إلّا مع العجز عن التفصي بغير التورية.
(٢) أي : ترك الفعل المكره عليه.
(٣) يعني : بل يكون الضرر مترتبا على ترك كلا الأمرين ، وهما : المكره عليه والتفصي.
(٤) هذا إشارة إلى توهم ودفعه ، حاصل التوهم : صدق الإكراه هنا أيضا ، حيث إنّ التفصي أحد عدلي المكره عليه ، فكأنّه مكره على الفعل أو على التفصي مخيّرا بينهما ، فإمكان التفصي لا يخرجه عن صدق الإكراه.
(٥) هذا دفع التوهم المزبور ، وحاصله : أنّ الفعل المتفصّى به عن الضرر المتوعد به مسقط عن المكره عليه لا عدل له ، ولذا لا يكون محكوما بأحكام المكره عليه إجماعا. ففرق بين الإكراه على أحد الأمرين من البيع أو الطلاق تخييرا ، وبين إكراهه على البيع خاصة مع قدرته على الفرار.