.................................................................................................
__________________
فلو كان مأيوسا من التخلص عنه فإقدامه على البيع في أوّل الوقت لا يخرجه عن الإكراه. وأمّا لو احتمل التخلص ، فلو باع أوّل الوقت فهو مختار. والفرق واضح» (١).
فملخص ما أفاده : حرمة ارتكاب الحرام فيما إذا أكره على شرب الخمر مثلا في اليوم أو الغد ، وأنّ الحرمة ترتفع في الغد ، بخلاف الإكراه على بيع داره في اليوم أو الغد ، فإنه إذا باعها في اليوم كان البيع عن إكراه ، فيبطل.
وذكر في باب التزاحم من علم الأصول تعيّن الفرد السابق في التكليفيات في صورة واحدة ، وهي ما إذا كان الفرد اللاحق أهم في نظر الشارع ، مع كون القدرة في كلّ من الواجبين شرطا عقليا ، فحينئذ يقدّم الأهم على الآخر ، فإذا أكره على شرب النجس في اليوم أو قتل مؤمن في الغد ، فإنّه يتعيّن عليه رفع الإكراه بالفرد السابق واختياره.
والسرّ في ذلك أنّ أهمية الفرد اللاحق تكون معجزة شرعا عنه ، فيجب حفظ القدرة على الفرد اللاحق بارتكاب الفرد السابق ، دون العكس ، فتكون نسبة الأهم إلى غيره كنسبة الواجب إلى المستحب أو المباح ، فكما لا يمكن أن يكون المستحب أو المباح مزاحما للواجب ، كذلك لا يمكن أن يكون المهم مزاحما للأهم ، ولا فرق في ذلك بين عرضية المتزاحمين وطوليتهما هذا.
أمّا ما أفاده قدسسره من لزوم تقديم الأهم على المهم فهو قاعدة كلية ثابتة في باب التزاحم ، ولا ينبغي الارتياب فيها.
وأمّا ما أفاده من التفصيل بين المعاملات وغيرها فلا محصل له ، وذلك لعدم انطباق عنوان المكره عليه ولا المضطر إليه على الفرد المتقدم مع سعة الوقت ليرتفع حكمه بسبب الإكراه أو الاضطرار ، من دون فرق في ذلك بين المحرّمات والوضعيات ، فإنّ المكره عليه الذي يترتب عليه الضرر هو ترك المجموع ، لا ترك خصوص الفرد الأوّل وعليه فلا ملزم له في فعله.
__________________
(١) منية الطالب ، ج ١ ، ص ١٩٠.