وتوضيح الأقسام (١) المتصورة في الفرع المذكور : أن الإكراه الملحوق بوقوع الطلاق قصدا إليه راضيا به إمّا أن لا يكون له دخل في الفعل أصلا ، بأن يوقع الطلاق قصدا إليه عن طيب النفس ، بحيث لا يكون الداعي إليه هو الإكراه ، لبنائه (٢) على تحمل الضرر المتوعد به.
______________________________________________________
(١) هذا هو الغرض من قوله قبل أسطر : «بقي الكلام في ما وعدنا ذكره من الفرع المذكور في التحرير» وتوضيحه : أن الفرع المزبور ـ أعني به قصد الطلاق في من أكره على الطلاق ـ يتصور على صور ست تختلف أحكامها ، فيصحّ الطلاق في الأوليين ، ويبطل في الأخيرتين ، ويستشكل في الثالثة والرابعة. والمهم في المسألة تحقيق هذه الجهة ، وهي أنّ الداعي على الإنشاء هل هو الإكراه وإيعاد الغير أم لا؟ فنقول :
الصورة الأولى : أن يكره على طلاق زوجته ، ولكنّه يتأمّل في جوانب المسألة ، فيرجح تحمل الضرر المتوعد به ، ومع ذلك يطلّق زوجته لما فيه من المصلحة ، فيكون إقدامه على الطلاق ناشئا من طيب نفسه به ، ولا يرى لذلك الإكراه تأثيرا في إنشائه أصلا. ولا ريب في صحة الطلاق في هذه الصورة ، وليست هي مقصود العلّامة قدسسره وغيره ممّن رجّح وقوع الطلاق ، إذ لا وجه للترجيح ، لتعين الصحة.
الصورة الثانية : أن يكره على الطلاق ، ويرضى به بعد التأمل كالصورة السابقة ، إلّا أنّ الفارق بينهما كون تمام السبب ـ في الأولى ـ هو طيب نفسه به ، بخلافه في هذه الصورة ، فإنّ الداعي إلى الطلاق مؤلّف من إكراه المكره ومن طيب نفس المكره ، بحيث لو لم ينضم أحدهما إلى الآخر لم يكن كل منهما مستقلا في الداعوية. ولا ريب في صحة الطلاق في هذه الصورة أيضا ، لتحقق الشرط وهو إرادة الطلاق ، وقصده عن الرضا ، وليست هذه أيضا محطّ نظر العلّامة في ترجيحه صحة الطلاق ، وسيأتي ذكر سائر الصور بتبع المتن إن شاء الله تعالى.
(٢) أو لطيب نفسه الناشئ عن سوء خلق الزوجة بحيث لو لم يكرهه الجائر