.................................................................................................
__________________
فعلى هذا تدل الآية الشريفة على حصر الأسباب الصحيحة للمعاملات بالتجارة عن تراض ، من غير فرق بين اتصال الاستثناء وانقطاعه ، وأمّا غير التجارة عن تراض من سائر أسباب المعاملات فهو باطل.
فقد ظهر مما ذكرناه عدم توقف الاستدلال بالآية الشريفة على اعتبار مقارنة الرضا للعقد على كون الاستثناء متصلا ، ولا على الالتزام بمفهوم الوصف.
فالصحيح أنّه لا دلالة للآية إلّا على عدم جواز الأكل بدون التراضي ، فإذا وجد الرضا من المكره انقلبت التجارة إلى التجارة عن تراض ، فلا يكون الأكل بسببها أكلا بالباطل.
والحاصل : أنّ الآية الشريفة تدل على حصر السبب المحلّل لتملك الأموال بالتجارة عن تراض ، وإن لم نقل بكون الاستثناء متصلا ، ولم نقل بمفهوم الوصف أيضا غاية الأمر أنّ المراد بالتجارة ليس معناها المصدريّ ، بل معنى اسم المصدر ، فمتى تحقق الرضا صدقت التجارة عن تراض ، فيصح عقد المكره ، ولا مجال حينئذ لحديث الرفع الموجب لعدم صحته حتى بعد الطيب ، لأنه خلاف الامتنان.
نعم قبل حصول رضا من المكره كانت الصحة خلاف الامتنان ، وكان الموافق للامتنان عدم الصحة. لكن بعد حصول الرضا يكون الصحة موافقة للامتنان ، فلا يجري فيها حديث الرفع ، فإنّ موافقة الحكم ومخالفته للامتنان إذا كانتا باعتبار حصصه وأفراده فلا محالة يكون الثابت ما هو الموافق للامتنان ، والمرفوع بحديث الرفع ما هو المخالف له.
والمقام من هذا القبيل ، حيث إنّ صحة عقد المكره ما دام الإكراه موجودا خلاف الامتنان ، فترفع بالحديث ، وبعد ارتفاع الإكراه تكون موافقة للامتنان ، فيحكم بترتب الأثر على عقد المكره بعد ارتفاع الكراهة وتبدلها بالرضا.
فتلخّص مما ذكرنا : أنّ ما هو المشهور من صحة بيع المكره بلحوق الرضا هو الأقوى.