.................................................................................................
__________________
والأوّل : منفي في المقام ، لأنّ دلالة الاستثناء على الحصر منوطة بكون الاستثناء متصلا ، كقوله : «ما جاء القوم إلّا زيدا ، فإنّ الاستثناء هنا يدل على حصر المجيء في زيد ، ومن الواضح كون الاستثناء هنا منقطعا ، لعدم كون التجارة عن تراض من الأسباب الباطلة للتجارة حتى كون خروجها عنها دالّا على الحصر ، فلا يدلّ هذا الاستثناء على انحصار السبب المحلّل لأكل مال الغير في التجارة عن تراض ، حتى يقال : إنّ التجارة عن تراض لا تصدق إلّا على العقد المقرون بالرضا.
والثاني أيضا منفي ، لأنّه على القول بمفهوم الوصف يختص بالوصف الذي لا يرد مورد الغالب ، ومن الواضح أنّه في المقام كذلك ، لكون الغالب في التجارات هو كونها عن تراض ، فلا يدل على بطلان التجارة لا عن تراض مقرون بالعقد ، هذا.
وفيه : أنّ الآية الشريفة تدل على الحصر مطلقا وإن لم يكن الاستثناء متصلا. توضيحه : أنّ باء السببية الداخلة على كلمة الباطل ومقابلتها مع التجارة عن تراض قرينتان على كون الآية الشريفة في مقام فصل الأسباب الباطلة للمعاملة عن الصحيحة لها. كما أنّ المراد بالأكل في الآية ليس هو الازدراد الذي هو معناه الحقيقي ، بل هو كناية عن تملّك مال غيره من غير استحقاق.
وعلى هذا فإن كان الاستثناء متصلا كما هو الظاهر الموافق للقواعد العربية ، ـ كما قيل ـ كان معناه المنع عن تملك أموال الناس بشيء من الأسباب ، الّا أن يكون ذلك السبب تجارة عن تراض ، فتدلّ الآية على حصر الأسباب الصحيحة للمعاملات بالتجارة عن تراض.
وإن كان الاستثناء منقطعا فالآية المباركة حينئذ وإن لم تكن ظاهرة في الحصر من حيث الصناعة العربية. إلّا أنّه تعالى لمّا كان في مقام بيان الأسباب المشروعة للمعاملات ، وفصل صحيحها عن فاسدها ، وكان الإهمال مخلّا بالمقصود ، فلا محالة يستفاد الحصر من الآية المباركة بالقرينة المقامية.