.................................................................................................
__________________
فالمرجع حينئذ إمّا عموم أدلة النفوذ ، أو استصحاب الحكم السابق على حصول الرضا الذي هو من قبيل استصحاب حكم الخاص. والمحقق في محله الرجوع إلى عموم العام في مثل المقام ، لأنّ مقتضى عموم أدلة النفوذ هو لزوم الوفاء بالعقد في كل زمان ، فإذا خرج عنه بعض الأزمنة وشكّ في خروجه في زمان آخر يتمسك بعموم العام ، لأنّ الشك حينئذ في التخصيص الزائد.
لا يقال : إنّ ظاهر الآية المباركة اعتبار مقارنة الرضا للعقد ، بحيث يكون التجارة ناشئة عنه ، ولا يكفي لحوق الرضا به ، لأنّه إذا انعقد فاسدا لم ينقلب بعد ذلك عمّا وقع عليه.
ومن هنا يظهر فساد قياس عقد المكره بعقد الفضولي المتعقب بالرضا والإجازة من المالك ، إذ العقد الفضولي لا يضاف إلى المالك إلّا حين إجازته ، فهو حين انتسابه إلى المالك ينشأ من طيب نفسه ورضاه. وهذا بخلاف عقد المكره ، فإنّه حين صدوره من المالك حكم عليه بالفساد ، فلا ينقلب عما وقع عليه ، فالرضا اللاحق لا يصححه.
فإنّه يقال : إنّ التجارة التي لا بدّ أن تكون عن تراض هي بمعنى اسم المصدر ، لأنّه الباقي والمستمر القابل للرضا ، دون معناها المصدري فإنّها فانية ، وهي بمعناها الأوّل موضوعة لوجوب الوفاء ، والإجازة في عقد الفضولي والرضا في عقد المكره إنّما يلحقان ذلك ، لأنّ معنى اسم المصدر قابل لهما دون معناها المصدري لفنائه.
وعليه فبعد لحوق الرضا في بيع المكره يصدق عليه التجارة عن تراض ، حيث إنّ الآية تدل على انحصار سبب أكل مال الغير في أمرين :
أحدهما : الأسباب الباطلة. وثانيهما : التجارة عن تراض. ومن الواضح أنّ الأكل في محل الكلام ليس من أكل المال بالباطل ، فيصدق عليه التجارة عن تراض.
ثم إنّ المصنف قدسسره التزم بعدم اعتبار مقارنة الرضا للعقد بما حاصله : أنّ دلالة الآية على اعتبار المقارنة إما بمفهوم الحصر وإمّا بمفهوم الوصف ، وكلاهما غير ثابت.