.................................................................................................
__________________
وأمّا دخل مقارنة الطيب للعقد في مفهومه بحيث لا يصدق العقد بدونها ، ففيه : أنّ العقد ليس إلّا كبقية المفاهيم العرفية كالأكل والشرب ونحوهما ، فالأكل يصدق على الأكل الخارجي بأيّ داع حصل ولو من الإكراه ، إذ لا دخل للدواعي في المفاهيم ، فمفهوم العقد يصدق حتى مع صدوره عن الإكراه ، ولو لا ذلك لم يصدق العقد على بيع الفضولي. مع كون كلّ من عقدي المكره والفضولي عقدا بالحمل الشائع ، لعدم دخل مقارنة الطيب في مفهوم العقد لا لغة ولا في العرف العام.
مضافا إلى : أن عقد المكره بحقّ عقد حقيقة ، ولازم دخل مقارنة الطيب معه في مفهوم العقد عدم كونه عقدا ، وأن يكون غير العقد كالعقد في الحكم تعبدا ، وهذا مما لا يساعد عليه دليل.
وأمّا دخل المقارنة شرطا في صحة العقد لا في مفهومه بحيث يكون الإيجاب في نظر الشارع كالعدم ، ففيه : أنّه أوّل الكلام ، إذ لا دليل على اعتبار المقارنة في صحة العقد ، بل الإطلاقات تدفع اعتبارها فيها.
وبالجملة : لم يثبت اعتبار مقارنة الطيب للعقد في مفهوم العقد ولا في صحته ، بل الثابت عدمه.
وأمّا دعوى صدق الأكل بالباطل ففيها : أنّه لو سلّم صدق الباطل بمجرّد الإكراه مع وجود العوض لم نسلم صدقه بعد ارتفاع الإكراه ، إذ العمدة في إثبات قدح الإكراه الإجماع وحديث الرفع. ودلالتهما على قدحه مختصة بحال وجود الكراهة الناشئة عن الإكراه ، فإذا زالت الكراهة وتبدّلت بالرضا فلا يصلحان لإثبات البطلان ونفي الأثر.
أمّا الإجماع فظاهر ، لما عرفت من شهرة القول بالصحة ، بل دعوى الإجماع عليها.
وأما حديث الرفع فلأنّ إجراءه بعد ارتفاع الكراهة خلاف الامتنان في حق المكره.