.................................................................................................
__________________
ولو سلّمنا دلالتها على الحصر ، لكونها مسوقة لبيان الأسباب الناقلة للأموال وتمييز صحيحها عن باطلها من غير نظر إلى انقطاع الاستثناء واتصاله ، فتدلّ حينئذ على الحصر ، وأنّ كل سبب لنقل الأموال باطل ، إلّا التجارة عن تراض ، وعقد الفضولي ليس من التجارة عن تراض ، فهو باطل. لقلنا : انه مع ذلك لا يصح الاستدلال المزبور به ، لأنّ التجارة «هي انتقال شيء مملوك من شخص الى آخر بعوض مقدر على جهة التراضي» (١) ومن المعلوم أنّ مجرد الإنشاء بدون ما يعتبر في العقد المملّك من الشرائط لا يوجب الانتقال وتبادل اضافتي الملكية.
وعليه فالتجارة في الآية الكريمة لا تشمل عقد الفضولي ، لأنّ مجرد الإنشاء كما مرّ آنفا ليس تجارة ، فلا يندرج في المستثنى. كما لا يندرج أيضا في المستثنى منه ، لعدم كون مجرد إنشاء الفضولي تصرفا عرفا في مال الغير ، لعدم صدق التجارة بمال الغير على مجرد عقده حتى يشمله «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ» فعقد الفضولي خارج تخصصا عن كلا عقدي المستثنى والمستثنى منه. واندراجه في المستثنى منوط بالتراضي ، وبعد التراضي يتصف بالتجارة عن تراض.
فصار المتحصل : أنّ الاستثناء على تقدير الاتصال ، يدلّ على الحصر ، إلّا أنّ الآية لا تشمل بشيء من عقديها عقد الفضولي. فالاستدلال بها ـ سواء أكان بمفهوم الحصر أم بمفهوم التحديد ـ على بطلان عقد الفضولي غير سديد ، هذا.
وقد يستدلّ على بطلان عقد الفضولي بعقد المستثنى منه ، بتقريب : أنّ عقد الفضولي تصرف في مال الغير ، وهو منهي عنه ، والنهي يقتضي الفساد.
لكن فيه أوّلا : أنّ عقد الفضولي ليس تصرفا في مال الغير حتى يحرم ويفسد ،
__________________
(١) مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ٢٣٣.