.................................................................................................
__________________
فيكون الحصر المستفاد من الاستثناء المتصل صحيحا.
لكن لا يخفى أنّ الاستثناء المتصل وإن كان مقتضى القواعد العربية ، لكونه إخراجا حكميا. لكنه لا سبيل للمصير إليه هنا بمقتضى ظاهر العبارة ، لأنّ معناه حينئذ «لا تأكلوا أموالكم بينكم بسبب باطل ، إلّا أن يكون ذلك السبب الباطل تجارة عن تراض» وهذا ضروري البطلان.
ولا يدور الأمر بين اتصال الاستثناء وانقطاعه حتى يقال : إنّ أصالة الاتصال تقتضي اتصاله. إذ مورد الدوران هو فرض إمكان الاتصال بمقتضى ظاهر الكلام. وقد عرفت امتناع الاتصال. ودلالة الاقتضاء لا تلجئنا إلى التقدير حتى نلتزم باتصال الاستثناء. وذلك لأنّ مورد دلالة الاقتضاء هو توقف صحة الكلام على التقدير ، كقوله تعالى (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) ومن المعلوم أنّه أجنبي عمّا نحن فيه ، لعدم توقف صحة ظاهر الكلام على التقدير ، حيث إنّ ظاهره المنطبق على انقطاع الاستثناء معنى صحيح ، ولا يتوقف صحته على التقدير ، إذ معناه : أنّ أكل أموال الناس حرام بالسبب الباطل ، وحلال بالتجارة عن تراض.
ولا موجب للالتزام باتّصال الاستثناء الذي هو خلاف ظاهر الكلام حتى نحتاج إلى أصل التقدير فضلا عن تعدد المقدّر كما في تقرير بحث سيدنا الخويي قدسسره من قوله : «لا يجوز تملك أموال الناس بسبب من الأسباب ، فإنه باطل ، إلّا أن يكون ذلك السبب التجارة عن تراض».
وبالجملة : الاستثناء في الآية الشريفة ظاهر في الاستثناء المنقطع. وحمله على الاستثناء المتصل خلاف الظاهر ، وبلا موجب. مع أنه يستلزم ارتكاب التقدير الذي هو خلاف الأصل ، فلا محيص عن الذهاب إلى انقطاع الاستثناء الذي هو ظاهر الآية المباركة ، كما قرّبناه في الجزء الأوّل من هذا الشرح ، فراجع (ج ١ ص ٣٩٠).