.................................................................................................
__________________
دون حاجة إلى تنزيل غير المالك منزلة المالك حتّى يتمشّى من الفضولي قصد المعاوضة الحقيقية بين المالكين ، لعدم اعتبار تعيين المالك في صحة العقد.
وإمّا استقلالا كما في المالك ، فإنّه يقصد من الأوّل المعاوضة بين مال نفسه ومال المشتري.
وإن شئت فقل : إنّ الفضولي الذي يقصد البيع لنفسه سواء أكان غاصبا أم غيره ـ بمجرّد إنشائه تبديل المال الشخصي الذي يكون للغير بمال المشتري ـ تتحقق قهرا نيّة المعاوضة بين المالين ، وفي الرتبة الثانية المتأخرة عن الإنشاء يقصد البيع لنفسه ليأخذ الثمن غصبا كما أخذ المثمن كذلك.
وهذا القصد الثانوي لا يقدح في صحة المعاملة إذا أجاز المالك ، لأنّ هذا القصد وقع لغوا ، ولم يكن مقوّما للعقد ، ولا شرطا له. سواء أكان قصد مالكيته ادّعاء من قبيل الجهات التقييدية بأن يكون المالك موضوعا لهذا العقد ، والفضولي طبّق المالك على نفسه ادّعاء. أم من قبيل الجهات التعليلية ، بأن يجعل نفسه مالكا لأخذ الثمن.
ولعل هذا مراد المصنف قدسسره من دعوى الفضولي مالكيته للمبيع ، فإن كان كذلك فلا بأس به.
فالمتحصل : أنّه في هذه الصورة الثالثة ـ وهي بيع الفضولي لنفسه ـ لا مانع من صحته بإجازة المالك. والوجوه المتقدمة لا تصلح للمانعية بعد فرض صدق العقد عليه ، وقصد المعاوضة التي هي تبديل مال بمال قبل العقد موجود. ولا يتوقف على مالكية الفضولي. فما أفاده المصنف قدسسره من صيرورة المعاوضة حقيقية بعد ادّعاء الفضولي مالكيته للمبيع غير ظاهر ، إذ لا يتوقف قصدها على الادّعاء المزبور. بل قصد التبديل قبل هذا الادّعاء موجود. فعقدية عقد الفضولي البائع لنفسه ثابتة ، فتشمله أدلة الصحة كشمولها للصورتين السابقتين ، وهما عقد الفضولي للمالك بدون سبق النهي ومع سبقه.