العلّامة في التذكرة لمّا ذكر حكاية ـ أنّ أبا الدرداء اشترى عصفورا من صبيّ فأرسله ـ ردّها (١) بعدم الثبوت وعدم الحجية ، وتوجيهه (٢) بما يخرجه عن محل الكلام.
وبه (٣) يظهر ضعف ما عن المحدّث الكاشاني من : «أنّ الأظهر جواز بيعه وشرائه فيما جرت العادة به من الأشياء اليسيرة دفعا للحرج» انتهى (١) ، فإنّ
______________________________________________________
الأوّل : عدم ثبوت أصل القضية ، لضعف السند.
الثاني : أنّ شراء أبي الدرداء ليس حجة شرعا ، لأنّه ليس من السنة التي هي قول المعصوم عليهالسلام وفعله وتقريره.
الثالث : توجيه الواقعة بما يخرجه عن البيع الجدّي من الصبي ، وذلك لاحتمال علمه بعدم مالكية الصبي للعصفور ، فاشتراه أبو الدرداء منه ليستنقذه ، ومن المعلوم توقف البيع على مالكيّة البائع للمبيع ، أو الوكالة عنه أو الولاية عليه ، فمع العلم بعدم مالكيته ونحوها له لم تنشأ المعاملة الجدّية. وعليه فإعطاء الثمن للصبي ليس إلّا مقدمة لإرسال العصفور واستنقاذه ، هذا.
ولا يخفى أنّ العلّامة اقتصر على وجهين ، ولم يتعرض لضعف السند وعدم ثبوت القضية ، فقال في ردّ المالكية : «وفعله ـ أي فعل أبي الدرداء ـ ليس حجة. وجاز أن يكون قد عرف أنّه ليس ملكا للصبي ، فاستنقذه منه» (٢).
(١) جواب «لمّا» الظرفيّة ، وضمير «ردّها» راجع الى «حكاية».
(٢) بالجرّ معطوف على «عدم» وهذا موهن ثالث لصحة بيع الصبي للشيء الحقير. وقد عرفت أنه في عبارة التذكرة موهن ثان لا ثالث.
(٣) أي : بما تقدم من قوله : «والحاصل : أنّ مقتضى ما تقدم من الإجماع المحكي .. إلخ» وغرضه منع مستند المحدث الكاشاني ، وهو قاعدة نفي الحرج ،
__________________
(١) مفاتيح الشرائع ، ج ٢ ، ص ٤٦ والحاكي عند هو السيد العاملي في مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ١٧٠.
(٢) تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٨٠ ، س ٢٤.