.................................................................................................
__________________
ثالثها : ما في ذيل كلام كاشف الغطاء رحمهالله من قوله : «ولو قيل بتملك الآخذ منهم لدلالة مأذونيّته في جميع التصرفات ، فيكون موجبا قابلا لم يكن بعيدا» (١) ومحصله : أنّ جلوس الطفل في ذلك المقام وتظاهره في المعاملات على رؤس الأشهاد أمارة على أنّ الآخذ من الطفل مأذون من طرف المالك الذي هو وليّ الطفل ، فيكون الآخذ موجبا من جهة ، وقابلا من أخرى. فإذا اشترى من الطفل كان موجبا على وجه الفرعية ، لتفرعه على إذن ولي الطفل ، وقابلا بالأصالة ، لكونه مشتريا لنفسه. ولو باع على الطفل كان الأمر بالعكس ، فكأنّ الآخذ وكيل عن المالك.
لكن في الجميع ما لا يخفى.
إذ في الأوّل : عدم الالتزام بكون المعاطاة معاملة مستقلة.
وفي الثاني أوّلا : أنّ تأثير الإباحة العامة بلا عوض ـ كالمضايف ـ في ترتيب آثار الملكية مما لم يقم عليه دليل ، وغاية ما يترتب على الإباحة المزبورة جواز التصرفات.
وثانيا : أنّ الثابت هو الإباحة مع العلم بالرضا ، فإنّه الذي استقرّت عليه السيرة ، دون الظن بالرضا.
وفي الثالث : أنّه ليس هناك إذن سابق مفيد للتوكيل. نعم الرّضا من المالك موجود ، لكنّه لا يكفي في التوكيل ، فيصير فضوليا ، والتصرف فيما اشتراه فضولا حرام إلّا بعد الإجازة اللفظية. ولذا لو علم رجل برضى صاحبه ببيع ماله فباعه لم يكن له التصرف في الثمن الذي يقبضه ، فإن تصرف فعل حراما.
بل قد يقال في رد هذا الوجه : بأنّ صيرورة القابض من الصبي موجبا قابلا بإذن وليه مخالفة للإجماع والسيرة أيضا ، إذ لا نجد ذلك لا في أنفسنا ولا في أنفس سائر المتعاملين مع الصبيان ، بل الثابت عند الجميع عدمه.
وكيف كان فالحق صحة معاملة المميّز بإذن الولي ، لعدم مسلوبية عبارته ، سواء تعلّقت بماله أم بمال الولي أم الأجنبي ، هذا.
__________________
(١) تقدم مصدره في ص ٧٧ ، فراجع.