وأمّا وجوب معرفة النّاسخ والمنسوخ فقال ابن عبّاس : من لم يعرف النّاسخ من المنسوخ خلط الحلال بالحرام. وعن النبىّ صلىاللهعليهوسلم إنّ محرّم الحلال الح (١) وقال أيضا (ما آمن (٢) بالقرآن من استحلّ محارمه) ولمّا رأى علىّ رضى الله عنه عبد الله (٣) بن دأب فى مسجد الكوفة وهو يجيب عن المسائل ، فقال له : هل تعرف النّاسخ من المنسوخ قال : لا ؛ قال : فما كنيتك؟ قال أبو يحيى. قال : أنت أبو اعرفونى بالجهل. ثمّ أخذ بأذنه ، وأقامه عن مجلسه. فقال : لا يحلّ لك رواية الحديث فى هذا المسجد ، ولا الجلوس فى مثل هذا المجلس حتّى تعلم النّاسخ من المنسوخ.
وأمّا أنواع منسوخات القرآن فثلاثة (٤).
أحدها ما نسخ كتابته وقراءته. قال أنس كانت (٥) سورة طويلة تقارب سورة براءة ، كنّا نقرؤها على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنسخت بكلّيتها ، لم يبق بين المسلمين منها شىء ، سوى هذه الآية : لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ، ولو كان (٦) ثالثا
__________________
(١) كذا فى الأصلين ، ولم يبن لى وجهه. وقد يكون : الخ أى الى نهاية الحديث. وقد يكون الأصل : ما أفلح.
(٢) رواه الترمذى عن صهيب ، كما فى الجامع الصغير.
(٣) عن هبة الله بن سلامة فى كتابه «الناسخ والمنسوخ» انه عبد الرحمن بن دأب. وفى القاموس : «عبد الرحمن بن دأب م» أى معروف ولم يذكر عبد الله. وانظر تعليقات كتاب النحاس ص ٥.
(٤) سقط فى أ.
(٥) جاء هذا حديثا فى مسلم فى كتاب الزكاة. ونصه : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ، ويتوب الله على من تاب».
(٦) فى المنقول عن ابن سلامة : «أن له» انظر كتاب النحاس ص ١٠.