فى الردّ عليهم بلن ، وهو أبلغ ألفاظ النفى ، ودعواهم فى الجمعة قاصرة مترددة (١) ، وهى زعمهم أنهم أولياء الله ، فاقتصر على (لا).
قوله (بَلْ أَكْثَرُهُمْ (٢) لا يُؤْمِنُونَ) وفى غيرها (لا يَعْقِلُونَ) (لا يَعْلَمُونَ) لأن هذه نزلت فيمن نقض العهد من اليهود ، ثم قال (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ؛ لأن اليهود بين ناقض عهد ، وجاحد حق ، إلا القليل ، منهم عبد الله بن سلام وأصحابه ، ولم يأت هذان المعنيان معا فى غير هذه السّورة.
قوله : (وَلَئِنِ (٣) اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) وفيها أيضا (مِنْ (٤) بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) فجعل مكان قوله : (الّذى) (ما) وزاد (من) ؛ لأنّ العلم فى الآية الأولى علم بالكمال ، وليس وراءه علم ؛ لأنّ معناه : بعد الذى جاءك من العلم بالله ، وصفاته ، وبأنّ الهدى هدى الله ، ومعناه : بأنّ دين الله الإسلام ؛ وأنّ القرآن كلام الله ، (وكان) (٥) لفظ (الذى) أليق به من لفظ (ما) لأنه فى التعريف أبلغ ؛ وفى الوصف أقعد ؛ لأن (الذى) تعرّفه صلته ، فلا ينكّر قطّ ، ويتقدّمه أسماء الإشارة ؛ نحو قوله (أَمَّنْ (٦) هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ)(أَمَّنْ هذَا (٧) الَّذِي يَرْزُقُكُمْ) فيكتنف (الذى) بيانان : الإشارة ، والصلة ، ويلزمه الألف واللّام ، ويثنّى ويجمع. وأمّا (ما) فليس له شىء من ذلك ؛ لأنه يتنكّر مرّة ، ويتعرّف أخرى ، ولا يقع وصفا لأسماء الإشارة ، ولا يدخله الألف
__________________
(١) فى شيخ الاسلام ١ / ٤٧ : «مردودة» وهى أولى.
(٢) الآية ١٠٠
(٣) الآية ١٢٠
(٤) الآية ١٤٥
(٥) فى الكرمانى «فكان» وهو أوفق.
(٦) الآية ٢٠ سورة الملك
(٧) الآية ٢١ سورة الملك