(كَذَّبُوا بِآياتِنا) فختم بمثل ذلك ، فقال : (بِما كَذَّبُوا بِهِ). وذهب بعض أهل العلم إلى أنّ ما فى حقّ العقلاء من التكذيب فبغير الباء ؛ نحو قوله : كذّبوا رسلى ، وكذّبوه ، وغيره ؛ وما فى حقّ غيرهم بالباء ؛ نحو كذّبوا بآياتنا وغيرها. وعند المحقّقين تقديره : فكذّبوا رسلنا بردّ آياتنا ، حيث وقع.
قوله : (كَذلِكَ (١) يَطْبَعُ اللهُ) ، وفى يونس (نَطْبَعُ)(٢) بالنون ؛ لأنّ فى هذه السّورة قد تقدّم ذكر الله سبحانه بالتّصريح (٣) ، والكناية ، فجمع بينهما فقال : (وَنَطْبَعُ (٤) عَلى قُلُوبِهِمْ) بالنّون ، وختم الآية بالتّصريح فقال : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ) وأمّا فى يونس فمبنىّ على ما قبله : من قوله : (فَنَجَّيْناهُ) (وَجَعَلْناهُمْ) (ثُمَّ بَعَثْنا) بلفظ الجمع ، فختم بمثله ، فقال : (كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ).
قوله : (قالَ (٥) الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) وفى الشعراء (قالَ (٦) لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ) ؛ لأنّ التقدير فى هذه الآية : قال الملأ من قوم فرعون وفرعون بعضهم لبعض ، فحذف (فرعون) لاشتمال الملأ من قوم فرعون على اسمه ؛ كما قال : (وَأَغْرَقْنا (٧) آلَ فِرْعَوْنَ) أى آل فرعون وفرعون ، فحذف (فرعون) ، لأنّ آل فرعون اشتمل على اسمه. فالقائل هو فرعون نفسه
__________________
(١) الآية ١٠١.
(٢) الآية ٧٤.
(٣) التصريح فى قوله : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ) والكناية فى قوله : (أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ) وانظر شيخ الاسلام على هامش تفسير الخطيب ١ / ٤٦٩ وما بعدها.
(٤) الآية ١٠٠.
(٥) الآية ١٠٩.
(٦) الآية ٣٤.
(٧) الآية ٥٠ سورة البقرة ، والآية ٥٤ سورة الأنفال.