العنكبوت به. وخصّت هذه السّورة بالواو لمّا حيل بين الكلامين بقوله : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا) وإنّما ذكرا (١) لتقدّم ذكرهما ، فقام مقام التراخى ، وناب الواو منابه. والله أعلم.
قوله : (وَإِذا رَآكَ (٢) الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) وفى الفرقان (وَإِذا رَأَوْكَ (٣) إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) لأنّه ليس فى الآية التى تقدّمتها ذكر الكفّار ؛ فصرّح باسمهم ، وفى الفرقان قد سبق ذكر الكفّار ، فخصّ الإظهار بهذه السّورة ، والكناية بتلك.
قوله : (ما هذِهِ (٤) التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ قالُوا وَجَدْنا) وفى الشعراء (قالُوا (٥) بَلْ وَجَدْنا) ؛ لأنّ قوله : (وَجَدْنا آباءَنا) جواب لقوله : (ما هذِهِ التَّماثِيلُ) وفى الشعراء أجابوا عن قوله (ما تَعْبُدُونَ) بقولهم (قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً) ثمّ قال لهم (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ) فأتى بصورة الاستفهام ومعناه النفى (قالُوا بَلْ وَجَدْنا) (أى (٦) قالوا لا بل وجدنا) عليه آباءنا ، لأن السّؤال فى الآية يقتضى فى جوابهم أن ينفوا ما نفاه السّائل ، فأضربوا عنه إضراب من ينفى الأوّل ، ويثبت الثانى ، فقالوا : بل وجدنا. فخصت السّورة به.
قوله : (وَأَرادُوا (٧) بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) ، وفى الصّافّات (الْأَسْفَلِينَ) ؛ (٨) لأنّ فى هذه السورة كادهم إبراهيم ؛ لقوله : (لَأَكِيدَنَ
__________________
(١) يريد الخير والشر. ولم يتقدم ذكرهما كما قال ، الا أن يريد التقدم بمعناهما لا بلفظهما.
(٢) الآية ٣٦.
(٣) الآية ٤١.
(٤) الآيتان ٥٢ ، ٥٣.
(٥) الآية ٧٤.
(٦) سقط ما بين القوسين فى أ.
(٧) الآية ٧٠.
(٨) الآية ٩٨.