ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ) خصّت هذه السّورة بقوله (مِنْ رَبِّهِمْ) بالإضافة ؛ لأن (الرحمن) لم يأت مضافا ، ولموافقة ما بعده ، وهو قوله : (قالَ رَبِّي يَعْلَمُ) وخصّت الشعراء بقوله (مِنَ الرَّحْمنِ) ليكون كلّ سورة مخصوصة بوصف من أوصافه ، وليس فى أوصاف الله تعالى اسم أشبه باسم الله من الرحمن ؛ لأنّهما اسمان ممنوعان أن يسمّى بهما غير الله عزوجل ، ولموافقة ما بعده ، وهو قوله : (الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) ؛ لأنّ الرّحمن والرّحيم من مصدر واحد.
قوله : (وَما (١) أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً) وبعده (وَما (٢) أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ) ، (قَبْلَكَ) و (مِنْ قَبْلِكَ) كلاهما لاستيعاب الزمان المتقدّم ، إلا أنّ (من) إذا دخل دلّ على الحصر بين الحدّين ، وضبطه (٣) بذكر الطّرفين. ولم يأت (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ) إلّا هذه ـ وخصّت بالحذف ؛ لأنّ قبلها (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ) فبناه عليه لأنه هو ؛ وآخر (٤) فى الفرقان (وَما أَرْسَلْنا (٥) قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ) وزاد فى الثانى (مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ) على الأصل للحصر.
قوله : (كُلُّ نَفْسٍ (٦) ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) وفى العنكبوت : (ثُمَ (٧) إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) ؛ لأن ثمّ للتراخى ، والرّجوع هو الرّجوع إلى الجنّة أو النّار ، وذلك فى القيامة ، فخصّت سورة
__________________
(١) الآية ٧.
(٢) الآية ٢٥.
(٣) ب : «ضبط».
(٤) عطف على (هذه). أى موضعا آخر.
(٥) الآية ٢٠.
(٦) الآية ٣٥.
(٧) الآية ٥٧.