لأن اتصال الأوّل بما قبله أشدّ : فإنّ قوله : (وَمَوْعِظَةً) محمول ومصروف إلى قوله : (وَلْيَسْتَعْفِفِ(١)) ، وإلى قوله : (فَكاتِبُوهُم ْ(٢)) ، (وَلا تُكْرِهُوا (٣)) فاقتضى الواو ؛ ليعلم أنّه عطف على الأوّل ، واقتضى بيانه بقوله : (إِلَيْكُمْ) ليعلم أنّ المخاطبين بالآيات الثانية هم المخاطبون بالآية الأولى. وأما الثّانية فاستئناف كلام ، فخصّ بالحذف.
قوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) (٤) إنّما زاد (مِنْكُمْ) ؛ لأنّهم المهاجرون. وقيل : عامّ ، و (من) للتبيين.
قوله : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ) (٥) ختم [الآية](٦) بقوله : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) وقبلها وبعدها (لَكُمُ الْآياتِ) ؛ لأنّ الذى قبلها والذى بعدها يشتمل على علامات يمكن الوقوف عليها. وهى فى الأولى (ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) وفى الأخرى (مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ) الآية فعدّ فيها آيات كلّها معلومة ، فختم الآيتين بقوله (لَكُمُ الْآياتِ). ومثله (٧) (يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) (٨) يعنى حدّ الزّانين وحدّ القاذفين (٩) ، فختم بالآيات. وأمّا بلوغ الأطفال فلم يذكر له علامات يمكن الوقوف عليها ، بل تفرّد سبحانه بعلم ذلك ، فخصّها بالإضافة إلى نفسه. وختم كلّ آية بما اقتضاها أوّلها (١٠).
__________________
(١) الآية ٢٣.
(٢) الآية ٢٣.
(٣) الآية ٢٣.
(٤) الآية ٥٥.
(٥) الآية ٥٩.
(٦) زيادة من الكرمانى.
(٧) أى مثل المذكور. وفى الكرماني «مثلهما».
(٨) الآيتان ١٧ ، ١٨.
(٩) كذا فى أ ، ب. وفى الكرمانى : «القاذف»
(١٠) كذا فى أ ، ب أى بالعبارة التى اقتضاها أولها. وفى الكرمانى : «اقتضى» وهى ظاهرة.